كتب جمــعة الشــــــــــــــــاوش
![]() |
بورقيبة والمرأة التونسيّة |
قد يبدو للبعض أني لستُ جادّا فيما سأقترحه للخروج من مأزق التحوير الحكومي الذي طال انتظاره فزاد الوضع التونسي تعقيدا على تعقيد لا تحتمله بلادٌ ليس لها من ثروة سوى عرق جبين أبنائها وحسن إدارتهم لشأنهم الداخلي...
صدّقوني أنّي حين أرى الخلاص في حكومة نسائية لتونس إنما أستجيب لقناعة تسندها الكثير من الحجج وتنتصر لها،بعيدا عن شبهة البحث عن مجرّد الإثارة أو الميل إلى الهزل والدعابة لتخفيف الاحتقان المتزايد شحْنا،والضغط النفسي الذي صار خبز التونسيين اليومي يتعاطونه كرها وجبْرا.
قبل ذلك حريٌّ بنا التساؤل عمّا فعله الفكر "الذكوري" السياسي بالثورة التونسية ؟..ذلك الفكر الخشن المتغطرس الذي عجز عن إخصاب ما يحبل به " فكر الأنثى" من خَلقٍ ونعومةٍ ولطفٍ وجمال وعطر...وقديما قيل : "المرأة وجهان لعملة واحدة هي العطاء"...
ما من شكّ أنّ المشهد العام الذي تعيش تونس على وقع أحداثه المتسارعة منذ أكثر من سنتين ليس مطمْئنا بالمرّة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا،وأنّ مسار المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام ما قبل الثورة يشكو عللا كثيرة ليس أقلّ تداعياتها إيلاما حالة الانزعاج والإحباط التي أفرزتها إدارة سيّئة لذات المرحلة المحفوفة بالغموض والمخاطر...
لعلّه من المفيد التذكير بأنّ انتخابات المجلس التأسيسي ليوم 23 أكتوبر 2013 كانت الرّهان الذي علَّق عليها التونسيون آمالهم في وضع قاطرة البلاد على سكة تحقيق أهداف ثورتهم الشعبية السلمية التي أشعل فتيلها الشباب العاطل والمهمَّشون . لكنّ تلك القاطرة ركبت غير السكة التي كان من المفروض أن تركبها فهدرت وقودا نحتاجه ووقتا كالسيف يقطع مُهْدِره... لعلّه من المفيد،أيضا،التذكير بأنّ تلك الانتخابات أدخلت لأوّل مرّة تقليدا تونسيا جديدا يفرض التناصف بين المرأة والرّجل في الترشّح لعضوية المجلس التأسيسي بما نتج عنه حضور لافت للمرأة طغت على مشهده المرأة المحجّبة التي راهنت للظفر بالفوز على فكر ذكوري بيافطة "الإسلام السياسي"..
لكنّ المرأة التونسية في عهد المسار الانتقالي الثوري ليست فقط مَنْ أدْلت بدلوها في "المجلس التأسيسي"،إنما هي تلك الفاعلة بإبهار وإقناع في المشهد السياسي العام...وعلى سبيل الذكر يمكن الوقوف على تأنيثٍ واضح للنضال السياسي بشكل يفوق النضال "الذكوري" الذي اتّسم بالتردّد والحذر،وفضَحَ ضحالتَه سلوك انتهازي يبحث عن اقتناص الغنيمة دون تضحياتٍ ترقى لما تحتاجه المرحلة...
النضال الذي تتميَّز بفعله المرأة التونسية اليوم، نوعيٌّ وراقٍ وعميق الأثر،ربّما لأنّ المرحلة مرحلة مخاض عسير،والمرأة أدرى من الرّجل بآلام المخاض،وهي،طبعا،أكثر قدرة على التعامل مع ظروفه...
يكفي أن نضرب لذلك أمثلة :
![]() |
00000000000000000000000000000 خولــــة الرّشيدي |
- إذا كان الانتقال الديمقراطي يعني بالأساس النضال من أجل حرّيّة الإعلام واستقلالية القضاء،فإنّ مَنْ يقود قاطرة هذا النضال الشرس في تونس ليس غير امرأتيْن وهما نجيبة الحمروني وكلثوم كنّو الأولى ترأس جمعية الصحافيين والثانية ترأس جمعيّة القضاة (نقابة القضاة ترأسها امرأة أيضا هي روضة العبيدي) وكلاهما تتصدّر الرّئاسة بموجب استحقاق انتخابي جمهوره في أغلبيته ذكوري وضع ثقته عن اقتناع في "الجنس اللطيف" ولسان حاله يقول :النساء قوّامون على الرّجال وقت الشّدّة.." كلّ شيء جميل في هذا الوجود يعود للمرأة ".." هناك امرأة في كلّ بدْءٍ عظيم "..أو..."مُكرَهٌ أخاك لا بطل"...
![]() |
وداد بوشمّاوي |
ميّة الجريبي |
![]() |
نزيهة رجيبة(أم زياد) |
![]() |
ألفة الرّياحي |
![]() |
عبيـــر موسي |
أزعم أنّ التونسيين الذين يعرفون جيّدا هذه الوجوه السياسية النسائية المتألّقة يُدركون المبرّرات الوجيهة لدعوتي الملحّة- قبل فواة الأوان- إلى تأنيث سلطة الانتقال الديمقراطي في وطن يستغيث بالصرخة الأخيرة قبل الغرق .
![]() |
أميرة اليحياوي |
لكنّ المشهد لا يكتمل دون أن نأتي على أخرياتٍ يملأن الساحة بما يُثِرنه من جدلٍ ويصنعنه من حقائق جديدة على أرض الواقع كعضوات المجلس التأسيسي أمثال سعاد عبدالرحيم ومحرزية العبيدي وسامية عبو وعضوات الحكومة القليلات العدد والعدّة وفي مقدّمتهنّ سهام بادي والحقوقيات راضية النصراوي وسهام بن سدرين وسعيدة العكرمي وأميرة اليحياوي الحائزة على جائزة "القيادة العالمية لسنة 2012 "من منظمة (أصوات الحيوية للشراكة العالمية) والمؤسِّسة لجمعية (بوصلة)،والدكتورة آمنة القلالي (مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس) والمدوّنة لينا بن مهني..وغيرهنّ كثيرات في مجالات أخرى كالغناء والمسرح والرسم والسينما والأدب...
![]() |
محرزيّة العبيدي |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق