فبراير 07، 2013

لا وطن أصغر من فتوى


                                               

                                          لا وطن أصغر من فتوى
شعر أحمد عمر زعبار




أيها القلب
إن البلاد تضيعْ
ويقنعنا المؤمنونَ 
أن معنى الربيعْ
راع مقدس
وشعب قطيعْ
****
أيها القلب
هل وطن أصغر من فتوى
****
أيها القلب
إن الربيع بهذى البلادْ
زهور دماءٍ
وعرس حدادْ
***
أيها القلب                     
لا وطن أصغر من فتوى

*

فبراير 05، 2013

الأزمة في تونس خــلاّ...قــــة



بما أني لم أسمع بمصطلح "الأزمة الخلاّقة" إلا في خطابٍ وُصِف بالعاجل للرّئيس التونسي المنصف المرزوقي بثتْه وسائل الإعلام مساء يوم الاثنين 4 فيفري 2013 ،فإنّ علامة تسجيل حقوقه محفوظة لفائدته إلى أن يثبُتَ خلاف ذلك...يبدو أنّ المرزوقي غلبَه صدق الحقوقيّ على كذب السّياسي فلم يجد بُدّا من الاعتراف بحقيقة الواقع المرّ الذي عليه البلاد،واقعُ الأزمة الخانقة التي تنذر بمنزلقات خطيرة سياسية وأمنية واقتصادية واجتماعيّة قد تأتي على الأخضر واليابس...غير أنه،فكما للصبر حدود،فللصدق حدود وخطّ أحمر لا يتجاوزه رئيس دولةٍ حتّى إنْ ولدَتْه ثورة،لولا مقاديرها العجيبة،ما كان ليصعَدَ كرسيَّ واجهة السلطة..
  ماذا يفعل الحقوقيّ المشاغب حين يتحوّل بقدرةِ قادِرٍ إلى رئيسٍ تُوقِعُه إغراءاتُ السلطة في شراكها،فلا هو بمناضلِ الأمس  المتحرّر من قيودِ تبعات الخطاب إنجازا،ولا هو بمالكٍ لسلطاتِ مَنْ سكنوا قبله قصر قرطاج ولم يخرُجوا منه إلاّ عنوةً مكْرَهين ؟..
المنصف المرزوقي(أيّام زمان)

بين الجرأة بقوْلِ الحقيقة المُرّة التي تُمسك يدُ الشعب بجمْرِها وبين الخطاب السياسي لرئيسٍ لا يتصوَّرُ أن يكون جزءا من نارها الحارقة،فضّل الانتصار لقولِ الحقيقة المتعالية على ركوبِ كذبٍ حتّى إن استهواه ركوبه لا يجد مَنْ يُصدِّقُه...قالها بوضوحِ ما تعنيه كلمة الأزمة من اختزال غير مُخِلٍّ بتوصيف المأزق التونسي بكلِّ أبعاده وتداعياته..واعتبر الأزمة التي تعيشها البلاد وتعتصر قلوب التونسيين هي التي تحول دون استقالته من منصب الرّئاسة التشريفاتي،دون توضيحٍ لما تعنيه عدم الاستقالة من حلٍّ لذات الأزمة،بل اكتفى بتكرير أنه لن يستقيل عديد المرّات وكأنَّ اعتكافه في القصر الرّئاسي،في حدِّ ذاته(وهْو الطبيب)،الدواء الكافي الشافي لعلاج مرض الاختناق القاتل الذي أفرزتْه بيئةٌ سياسيّة مسمومة...

لكنْ هل أنّ خطابا استثنائيا عاجلا يُقرِّ بوجودِ أزمة في البلاد كفيلٌ بتفريج كُرْبة التونسيين قلقا واحتقانا وخوفا من مصيرٍ مجهولٍ؟..
يُدركُ المرزوقي،جيّدا،وهو رئيس دولةِ باكورة ثورات الرّبيع العربي أنّ وصْفَ الجمْرِ بالجمْرِ لا يحول دون الاحتراق به..كما أنه،ولعلّه يستحضر،طلبَه مُهلَة ستّة أشهرٍ فقط،في بداية عمر تقلِّدِه الرّئاسة، لتكون طريق تونس سالكة نحو تحقيق أهداف ثورتها الشعبية في كنف الوفاق والسرور،كما أوحى بذلك تصريحا لا تلميحا..لذلك تفتّقت مواهب الرّئيس على إتيانِ نظريّة جديدة تُجَمّل مفهوم الأزمة وتغطّي على بشاعتها بمسحوقٍ ابتكره للتّوّ ورغب ألاّ يحرم شعبه من حالة انبهارٍ تصرفه عن فعلٍ آثمٍ وتجعل عذاب الأزمة المُبرّح مُحَبَّبًا للنفوس بلْ شرطا ضروريّا ومطلوبا لدخول نعيم الثورة..أيْ أنَّ الابتلاءَ بالشّرِّ شَرْطَ فتْحِ أبواب جنّة الثورة ونعيمها المُؤَجَّل..
الأزمة يجب أن يسعَد بها الشعب التونسي،بل لِمَ لا يبذل قصارى جهدِه لتعميقها،ما دامت كما يراها الرّئيس خلاّقة؟.ا.يَصُحُّ البناء عليه بالقول:كلّما كانت الأزمة أكثر تعقيدا وإيلاما كانت أكثر خَلقا وإبداعا...
                                      
 إيهٍ وآهٍ لمنْ لا يفقه في علوم الأزمات.ا..،إنها "الأزمة الخلاّقة" أيها..المغفّل  الجاهل بنواميس الخلق.ا.ألم تسمَع من قبل بما يُشبه ذلك كتبشير أميركا بالفوضى الخلاّقة في الشرق الأوسط،إبّان الحرب على العراق...إنه عصر جديد للخلق لا يأتي إلاّ من رحم الأزمات والفوضى وحتّى الدّمار...
أجل إنّها حقّا أزمة،لكنّها ليست أزمة أنتجها نظام مستَبَدٌّ،كما أوضح المرزوقي،ولا يَصحّ أنْ نتعاطى مع جراح الأزمة في عهد ما بعد الثورة بنفس مشاعر الاحتجاج والرّفض والضيق...علينا أن نستعذب ألمَ "الأزمة الجديدة لأنّها خلاّقة..أكثر من استعذابها علينا أن نلتزم الهدوء ونستلهم من طقوس الشطحات الصّوفيّة ما يُرَوِّضُ نفوسها على الصّبر وحتى الزّهد في الحياة حتى لا نُفْسِدَ عن أزمتنا وقار خشوعها وهي تخلق وتبدع... 
حمادي الجبالي والمنصف المرزوقي
 بشّر المرزوقي بـنظرية"الأزمة الخلاّقة".أيْ نحن مأزومون فعلا،لكن بأزمة... "خلاّقة"..
هل أسعدكم سيادة الرّئيس بكوْن قحْطِ البيئة السياسيّة التونسيّة جعله لا يستقيل حتى تُخصِبَ من صُلبِه "الأزمة الخلاقة"...
احذروا،إنّها خـلاّقـــة وليست "خَنّاقـَــة"...
في كلّ الحالات أكّدَ أننا نعيش أزمة..الإقرار بالأزمة مِمَّنْ يسكنُه قصر قرطاج فضيلة تُحسب لفائدته ...تشبّثوا بأزمتكم،لا تفرّطوا فيها،امْنعُوا مَنْ يحرمكم من عذابها،فهي الحلّ،ولا حلَّ سواها...
تذْكرون فجر"الرّبيع التونسي" لمّا احتشدت النّخب التي التحقت بالثورة على عجل في ساحة القصبة(لا شارع الحبيب بورقيبة،أين أطاحت الثورة بنظام بن علي) ..طلبت تلك الجموع الصاخبة (تحت يافطة الشعب يريد) بوَصْفةٍ سحريّة للخلاص من متاعب الفقر والبطالة والتهميش تُسَمَّى انتخابُ مجلس تأسيسي مُمَثِّلٍ للشعب ليبيض بيْضةَ الدستور الذّهبية...لم يُسجَّلْ اعتراضٌ يحول دون إنجاز الطلب المحدّدِ بسنة وحيدة يتيمة..قد يكون ذهب باعتقاد الكثيرين أنّ الدستور تعْويذة  البَرَكة،ما إنْ يشْرَب التونسي ماءَها حتى تتبخّر كلّ عذاباته  وهواجسه...تأخّر الدستور لسوء تدبير أو تقدير،ولعلّه للسّببين معا ليُمْعِنَ في طحْن المطحونين ويُسْرِفَ في الجدل المعطّل للعمل والمراكم للعلل والمُفرِّخ للملل ...
 انصرفوا عن الدستور لمآرب شتّى آخر صيحاتها الإعلان عن"معالجة التقصير بالتحوير"... إنّه التحوير الحكومي الذي تحوّل إلى مسلسل مُمِلٍّ أضاف له رئيسنا المسكون بالقصر الرّئاسي حلقة جديدة تحت عنوان: "الأزمة الخلاّقة"...
يعلم سيادة الرّئيس أننا نعيش الأزمة ولسنا على استعداد لنسمع الحديث عنها،لذلك دعانا إلى التّلهّي بمعنى الخلق في الأزمة،خلقٌ نرجو ألاّ يفتح الشهيّة لمزيد تمطيط اللعب بالأعصاب ليجترح من هموم الشعب نظريّة "الموت الخلاّق"...

يناير 25، 2013

المرأة التونسيّة في الصّدارة


كتب جمــعة الشــــــــــــــــاوش
بورقيبة والمرأة التونسيّة

قد يبدو للبعض أني لستُ جادّا فيما سأقترحه للخروج من مأزق التحوير الحكومي الذي طال انتظاره فزاد الوضع التونسي تعقيدا على تعقيد لا تحتمله بلادٌ ليس لها من ثروة سوى عرق جبين أبنائها وحسن إدارتهم لشأنهم الداخلي...
 صدّقوني أنّي حين أرى الخلاص في حكومة نسائية لتونس إنما أستجيب لقناعة تسندها الكثير من الحجج وتنتصر لها،بعيدا عن شبهة البحث عن مجرّد الإثارة أو الميل إلى الهزل والدعابة لتخفيف الاحتقان المتزايد شحْنا،والضغط النفسي الذي صار خبز التونسيين اليومي يتعاطونه كرها وجبْرا.
 قبل ذلك حريٌّ بنا التساؤل عمّا فعله الفكر "الذكوري" السياسي بالثورة التونسية ؟..ذلك الفكر الخشن المتغطرس الذي عجز عن إخصاب ما يحبل به " فكر الأنثى" من خَلقٍ ونعومةٍ ولطفٍ وجمال وعطر...وقديما قيل : "المرأة وجهان لعملة واحدة هي العطاء"...
ما من شكّ أنّ المشهد العام الذي تعيش تونس على وقع أحداثه المتسارعة منذ أكثر من سنتين ليس مطمْئنا بالمرّة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وأمنيا،وأنّ مسار المرحلة الانتقالية بعد سقوط نظام ما قبل الثورة يشكو عللا كثيرة ليس أقلّ تداعياتها إيلاما حالة الانزعاج والإحباط التي أفرزتها إدارة سيّئة لذات المرحلة المحفوفة بالغموض والمخاطر...

لعلّه من المفيد التذكير بأنّ انتخابات المجلس التأسيسي ليوم 23 أكتوبر 2013 كانت الرّهان الذي علَّق عليها التونسيون آمالهم في وضع قاطرة البلاد على سكة تحقيق أهداف ثورتهم الشعبية السلمية التي أشعل فتيلها الشباب العاطل والمهمَّشون . لكنّ تلك القاطرة ركبت غير السكة التي كان من المفروض أن تركبها فهدرت وقودا نحتاجه ووقتا كالسيف يقطع مُهْدِره... لعلّه من المفيد،أيضا،التذكير بأنّ تلك الانتخابات أدخلت لأوّل مرّة تقليدا تونسيا جديدا يفرض التناصف بين المرأة والرّجل في الترشّح لعضوية المجلس التأسيسي بما نتج عنه حضور لافت للمرأة طغت على مشهده المرأة المحجّبة التي راهنت للظفر بالفوز على فكر ذكوري بيافطة "الإسلام السياسي"..
لكنّ المرأة التونسية في عهد المسار الانتقالي الثوري ليست فقط مَنْ أدْلت بدلوها في "المجلس التأسيسي"،إنما هي تلك الفاعلة بإبهار وإقناع في المشهد السياسي العام...وعلى سبيل الذكر يمكن الوقوف على تأنيثٍ واضح للنضال السياسي بشكل يفوق النضال "الذكوري" الذي اتّسم بالتردّد والحذر،وفضَحَ ضحالتَه سلوك انتهازي يبحث عن اقتناص الغنيمة دون تضحياتٍ ترقى لما تحتاجه المرحلة...
النضال الذي تتميَّز بفعله المرأة التونسية اليوم، نوعيٌّ وراقٍ وعميق الأثر،ربّما لأنّ المرحلة مرحلة مخاض عسير،والمرأة أدرى من الرّجل بآلام المخاض،وهي،طبعا،أكثر قدرة على التعامل مع ظروفه...
يكفي أن نضرب لذلك أمثلة :

00000000000000000000000000000 خولــــة الرّشيدي
- الموقف البطولي لـ"خولة الرشيدي" التي اندفعت بكلّ شجاعة وجرأة لتمنع ذكورا سلفيين من فرض أمرٍ واقعٍ مستفزٍّ امتدّ إثمه إلى تعويض العلم الوطني براية غيرها على أعلى مبنى مؤسستها الجامعية التي كان لها الفضل في تحريرها من عبودية الخوف والجهل...لم تبالِ بالتعنيف الذكوري الذي استهدفها واستبسلت وهي تعيد رفع الراية الوطنية خفاقة وحولها جمهور من زملائها في حالة ذهول سرعان ما تحوّلت إلى إعجابٍ لإقدامها على هزيمة الخوف الذي كان يسكنهم تحسُّبًا من بطش صعاليك الثورة الوافدين
 - إذا كان الانتقال الديمقراطي يعني بالأساس النضال من أجل حرّيّة الإعلام واستقلالية القضاء،فإنّ مَنْ يقود قاطرة هذا النضال الشرس في تونس ليس غير امرأتيْن وهما نجيبة الحمروني وكلثوم كنّو الأولى ترأس جمعية الصحافيين والثانية ترأس جمعيّة القضاة (نقابة القضاة ترأسها امرأة أيضا هي روضة العبيدي) وكلاهما تتصدّر الرّئاسة بموجب استحقاق انتخابي جمهوره في أغلبيته ذكوري وضع ثقته عن اقتناع في "الجنس اللطيف" ولسان حاله يقول :النساء قوّامون على الرّجال وقت الشّدّة.." كلّ شيء جميل في هذا الوجود يعود للمرأة ".." هناك امرأة في كلّ بدْءٍ عظيم "..أو..."مُكرَهٌ أخاك لا بطل"...
وداد بوشمّاوي
- وإذا كان الوضع الاقتصادي سيّء للغاية بما جعل الاستثمار ينكمش فلا يجد رجال الأعمال من أمل في حلٍّ سوى تفويض تدبُّر شأنهم إلى امرأة أعمال السيدة وداد بوشمّاوي بعد أن انتُخِبت من قِبَلِهم عن جدارة واستحقاق لترأس منظّمتهم تلك التي تسمّى اصطلاحا بمنظمة الأعراف...(قد تكون الكارثة الاقتصادية المحدّقة بالبلاد هي التي دفعت برجال الأعمال بالعمل بتلك الحكمة التي تقول:"المرأة كوكب يستنير به الرّجل،ومن غيرها يبيت الرّجل في الظلام"..) 
ميّة الجريبي
- المعارضة هي أيضا في حيرة من أمرها،أكثر الأحزاب مصداقية وتمرُّسا بالنضال كان حصاده في انتخابات المجلس التأسيسي هزيلا،فبحث عن حلفاء متنازلا عن تسميته القديمة لفائدة تسمية جديدة(الحزب الجمهوري) وصعّد المرأة الحديدية ميّة الجريبي إلى الصدارة لتتقلّد مهمة الأمينة العامة للحزب...السيدة مي أو ميّة الجريبي هي من طينة المناضلات المتمرّسات اللواتي إذا تكلّمْن أقنعن وأبهرْن بذلك السحر الذي لا يعرف سرّه غيرها،وإذا نال رفقاؤها الإعياء استمرّت مقاومة صامدة تشحذ الهمم وتدفع إلى الأمام...
نزيهة رجيبة(أم زياد)
- السيدة نزيهة رجيبة هي من بين حرائر تونس اللاتي يمتلكن رصيدا ثقلت موازينه في الدّفاع عن حرّية التعبير وقيم العدالة والمساواة والديمقراطية. ولئن وجدت حزبها (المؤتمر من أجل الجمهورية) شريكا في الحكم بعد انتخابات المجلس التأسيسي فإنها،وانسجاما مع قناعاتها،لم يحجب إغراء السلطة عن بصيرتها ما وجب التنبيه إلى خطورته على الوطن،رافضة كلّ استدراجٍ للمساومة على المبادئ بالمناصب،مصرّة على تصحيح المسار. ولمّا فقدت الأمل في شركاء حزبها وفي مقدّمتهم رئيس الجمهورية المنصف المرزوقي،لم تتردّد في إعلان استقالتها من الحزب وتفرّغها لمواصلة مشوار النضال بالكتابة وفي فضاءات المجتمع المدني المستقلّة،فاتحة لنفسها جبهة مقاومة جديدة من خلال تأسيسها لــ(جمعية يقظة) التي استطاعت في ظرف وجيز أن تجمع في صلبها خيرةً من كفاءات تونس المدافعين عن منع عودة الاستبداد من جديد...
ألفة الرّياحي
- المدونة الصحافية الشابة ألفة الرّياحي،اختطفت الأضواء فجأة بعمل صنّفته ضمن صحافة الاستقصاء،حيث استطاعت أن تظفر بوثائق ومعلومات،ما كان يخطر على البال أن تخرج للعلن لخصوصيّتها "السّياديّة"-كما يُقال-،ولتحيل على جدلٍ حول شبهة فساد وإهدار مالٍ عام استهدفت وزير الخارجية(صهر رئيس الحزب الحاكم) المنبثق عن حكومة يقول عنها نفس الوزير"أنها أقوى حكومة" عرفها تاريخ البلاد...
عبيـــر موسي
- عبير موسى المحامية التجمعية (نسبة للحزب المنحل التجمع الدستوري الديمقراطي الذي كان يرأسه الرّئيس المخلوع) اعترضت لدى القضاء عن حلِّ حزبها ودافعت عن قناعاتها بشجاعة كلفتها تعنيفها ومطاردتها دون أن تستسلم رغم أنها لم تتحمّل مسؤولية في هذا الحزب لأكثر من سنةٍ واحدة،في حين لم يفعل ذلك الكثيرون من الرّجال الذين كانوا يتدافعون من أجل الإيقاع ببعضهم البعض لغاية الظفر بموقع تحت مظلة الحزب الذي كان قبل الثورة يُغري بنيل المجد والجاه .
أزعم أنّ التونسيين الذين يعرفون جيّدا هذه الوجوه السياسية النسائية المتألّقة يُدركون المبرّرات الوجيهة لدعوتي الملحّة- قبل فواة الأوان- إلى تأنيث سلطة الانتقال الديمقراطي في وطن يستغيث بالصرخة الأخيرة قبل الغرق .

أميرة اليحياوي
تلك نماذج من شواهد على نساء من طينة خاصة أفرزتها الثورة قلَّ أن نجد ما يُضاهيها لدى رجال المجتمع التونسي الذكوري...
لكنّ المشهد لا يكتمل دون أن نأتي على أخرياتٍ يملأن الساحة بما يُثِرنه من جدلٍ ويصنعنه من حقائق جديدة على أرض الواقع كعضوات المجلس التأسيسي أمثال سعاد عبدالرحيم ومحرزية العبيدي وسامية عبو وعضوات الحكومة القليلات العدد والعدّة وفي مقدّمتهنّ سهام بادي والحقوقيات راضية النصراوي وسهام بن سدرين وسعيدة العكرمي وأميرة اليحياوي الحائزة على جائزة "القيادة العالمية لسنة 2012 "من منظمة (أصوات الحيوية للشراكة العالمية) والمؤسِّسة لجمعية (بوصلة)،والدكتورة آمنة القلالي (مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس) والمدوّنة لينا بن مهني..وغيرهنّ كثيرات في مجالات أخرى كالغناء والمسرح والرسم والسينما والأدب...
محرزيّة العبيدي
- وإذا أخذنا بالحسبان أنّ الرّئيس المطاح به زين العابدين بن علي كانت نقطة ضعفه القاتلة هي وقوعه ضحيّة أوامر زوجته الثانية والتي لو استعجل تخلّيه عنها أو عن الرّئاسة لفائدتها لربّما كان وضعٍه أفضل مما هو عليه الآن. واللافت أنّ هذه الزوجة التي كانت تحكم قصر قرطاج هي الوحيدة من العائلة المتنفّذة في عهد بن علي التي تمكّنت من منفاها الوصول من جديد إلى تونس عبر حرّيّة التعبير التي أمّنتها الثورة وذلك من خلال كتابها(حقيقتي) الذي حاولت الدفاع فيه عن نفسها وعائلتها دون خجل أو ارتباك...
إذا اكتفينا فقط بالعبَر من دروس الماضي التونسي بدءا بـ"عِلّيسة"...ودروس الرّاهن من خلال نضالات نساء الانتقال الديمقراطي، وإذا أقررنا بفشل النخبة السياسية التي يتصدّر واجهتها الذكور في إدارة خلافاتها وفي التصرّف في الوقت المضاف للمرحلة الانتقالية إسعافا لوقارها،فإنّه ليس من قبيل القول المُرْسل ولا على سبيل الدعابة الدعوة إلى التفكير جدّيا في تأنيث السلطة بدءا برئاساتها الثلاث(رئاسة الدولة ورئاسة المجلس التأسيسي ورئاسة الحكومة) ...أيْ تخلّي الذكور بمحض إرادتهم عن إدارة شأن المأزق الذي تردّت فيه المرحلة الانتقالية وتفويض تدبُّر شأنها للنساء وللنساء فقط عسى أن تنقذ تونس الوطن و..المرأة...