فبراير 28، 2012

Dar Al Hayat - يوسف الصدّيق يبحث في وحدة الثورات العربية

حول الأسباب التي جعلت من تونس منطلق ثورات «الربيع العربي»، يعتبر الصدّيق أن تونس هي الدولة العربية الوحيدة التي تتميّز بنسيجٍ إجتماعي متجانس. فإلى جانب الوحدة التي تتمتّع بها على المستوى الديني من خلال اعتماد مدرسة فقهٍ وحيدة هي المدرسة المالكية، يشير الصدّيق إلى التحالفات الداخلية التي نُسجت على مر التاريخ وجعلت من تونس عائلة مدنية واحدة بقيَمٍ وثقافة مشتركة؛ خصائص تفسّر، في نظره، تماسُك الشعب التونسي وتضامنه، كما تفسّر كيف يلقى حادثٌ فردي، كإحراق الشاب بوعزيزي نفسه، صدًى واسعاً وسريعاً. فلو حصل هذا الحادث في بلدٍ عربي آخر لما كانت له النتيجة نفسها.

ويذكّرنا الصدّيق في هذا السياق بأن الولايات المتحدة كانت تُحضّر بنشاط لترحيل بن علي والترويج لتونس معتدلة وثابتة يمكن اتخاذها كنموذج لجميع التغييرات المقرَّر تحقيقها في منطقتنا. لكن الشعب التونسي استبق بثورته أي مشروعٍ خارجي مُعَدّ سلفاً له وتمكّن من تحويل هذه الثورة إلى حاضنةٍ لسديمٍ مبتكِر لنموذج آخر غير نموذج «الشرق الأوسط الكبير» الغربي. وإذ يصعب اليوم تحديد معالم هذا النموذج، لكنه سيُخطّئ حتماً أي منطق منبثق من اجتماع يالطا الشهير، ثم من ١١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠١....

أما بالنسبة إلى الديموقراطيات التمثيلية والبرلمانية الغربية فيرى الصدّيق أنه تم حرْفها عن طريقها المستقيم وتحويلها إلى «مجتمعٍات استعراضية» من خلال الحسابات السياسية الضيقة والتلاعب الإعلامي، وأن الجانب الاستعراضي فيها لم يعد مجرّد قشرة تغطّي عالماً حقيقياً يمكن بلوغه ما إن نخترق هذه القشرة، بل أصبح قلب هذه الديموقراطيات الذي لا يحرّكه سوى نزعة الاستهلاك وهاجس «التفاهة» وما لا فائدة له.

ويختتم الصدّيق هذا الحوار بملاحظة مثيرة مفادها أن ثمة تحوّلاً شاملاً في عالمنا تتّجه فيه قيَم السياسي نحو «الأكثر كرامةً» و «الأكثر إنسانيةً» و «الأكثر عدالةً». ومع أن الشجاعة والتضحية تبقيان ميزتَي الشعوب المعذّبة، فما إن تتحرّر هذه الشعوب حتى تلتحق بها الشعوب الغربية التي ما زالت تعيش تحت التأثير المخدّر للرفاهية والحياة السهلة.

Dar Al Hayat - يوسف الصدّيق يبحث في وحدة الثورات العربية