السفيــــر
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionID=1987&ChannelID=47000&ArticleID=2711 الرابط
تحول
مؤشر المواسم في تونس أمس، إلى الاعلان عن بوادر قدوم «الخريف الإسلامي».
وكاد «الديموقراطيون» التونسيون يطلقون مكبرات الصوت لتصدح بالآيات
القرآنية في نعي الثورة التونسية على مذبح «النهضة» الإسلامية...مع العلم ان هزيمة
القوى الليبرالية واليسارية تبدو مؤكدة. .. .
وفيما كانت جهات المراقبة الدولية، تتغنى في كلام يشبه الشعر بـ«ديموقراطية
الربيع العربي» المقبلة من تونس، كان «الديموقراطيون» من القوى اليسارية
والليبرالية يعلنون «تقبلهم» للنتائج كيفما أتت، ويعبرون عن مرارة تاريخية
يمتزج بها اللوم الموزع على الشريك «الديموقراطي» الذي لم يتحول حليفا،
و«المؤامرة الإسلامية» العالمية.
الفوز... المبدئي..
...وكانت نسب الأصوات أكثر تعبيرا عن الهوة بين نتائج «النهضة» والاحزاب الأخرى، من اعداد المقاعد وحدها، إذ حصلت الحركة الإسلامية على 45 في المئة من أصوات الناخبين التونسيين في العالم العربي، أما «مؤتمر» المرزوقي صاحب المقعد الثاني عن هذه الدائرة الانتخابية فحصل على 14 في المئة من الأصوات. أما في دائرة فرنسا - باريس، فحصلت «النهضة» على 37.7 في المئة من الأصوات، يليها «مؤتمر» المرزوقي بـ12 في المئة.
أما النتائج غير الرسمية المتداولة في وسائل الإعلام المحلية، فأشارت إلى تقدم كبير لـ«النهضة» في عدد من مراكز الاقتراع. وفي ولاية سيدي بوزيد التي تتحلى برمزية كبيرة كونها موقع اشتعال جسد الشهيد الأول للثورة محمد البوعزيزي، حلت «العريضة الشعبية» الإسلامية التوجه في المركز الاول...
وسعت «النهضة» الى توجيه رسائل طمأنة للداخل والخارج بعد صدور تلك النتائج. وأكد نور الدين البحيري، عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة»، التزام الحزب باحترام حقوق المرأة وتعهدات الدولة التونسية كافة. وأضاف «مهما كانت نسبة مقاعد النهضة لن ننفرد بالحكم ولن نسمح لأحد بأن ينفرد بالحكم... ونحن نمد أيادينا لكل أحرار تونس من أجل تونس بلا ظلم ولا استبداد، ونحن في حوار مع جميع الأطراف السياسية إلا من رفض ذلك».
الحزب «الديموقراطي التقدمي» بزعامة احمد نجيب الشابي ومية الجريبي، شكل إلى حد كبير مفاجأة في عدم حصوله على أي من مقاعد دوائر الخارج، كما أن النتائج التي نقلتها وسائل الإعلام المحلية من محاضر الفرز المعلقة في مراكز الدوائر الجهوية، أشارت إلى هزيمة نكراء لـ«التقدمي» موازية للفوز الجرار لـ«النهضة». وخرج عضو المكتب السياسي لـ«التقدمي» عصام الشابي في مؤتمر صحافي يؤكد أن «الحزب قابل بقوانين اللعبة السياسية، ولن يعترض على النتائج الانتخابية»، مضيفا أن «التقدمي» سيواصل «نضاله ويبقى على الساحة السياسية» في تصريح بدا كإعلان مبطن لانتهاء الدور السياسي للحزب.
وقالت مية الجريبي، إن «المؤشرات واضحة جداً والحزب الديموقراطي التقدمي في وضع سيئ. هذا قرار الشعب التونسي وأنا أنحني أمام خياره وأهنئ من حازوا تزكية الشعب التونسي». وأضافت الجريبي التي ركز حزبها حملته على التصدي للإسلاميين «سنكون دائماً هنا للدفاع عن تونس الحداثة المزدهرة والمعتدلة» معتبرة أن البلاد تشهد «منعطفاً تاريخياً».
الهزيمة المؤكدة ...
المناضلة النسوية المعروفة سناء بن عاشور أكدت لـ«السفير»، في الوقت نفسه أنها «مناضلة لا تنطلق من الخوف. وتتبع منهجا فاعلا، لا ضمن منطق رد الفعل»، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنه «من الطبيعي أن يكون لدينا مخاوف ازاء الحقوق التي سيضمنها أو يلغيها الدستور الذي سيصيغه المجلس التأسيسي». وردا على سؤال حول قراءتها للنتائج البادية حتى الآن، قالت بن عاشور إن «في ذلك إشارة إلى توجه المجتمع التونسي نحو المحافظة لا إلى التدين، كون الدين بمفهومه العام ليس حكرا على الإسلاميين كتيار سياسي. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الضعف الكبير لليسار التونسي».
وتشدد بن عاشور «علينا أن نعترف بهزيمتنا الكبرى (كديموقراطيين ويساريين). وهذه الهزيمة ليست في النتائج فحسب بل في المقاربة. لأننا فشلنا في التكتل والتحالف بشكل يحفظ في الوقت نفسه خصوصية كل طرف. ونحن نعيش الآن في فشل وحدة اليسار والديموقراطيين، وضعا مشابها لما حصل في فلسطين ولبنان وغيرها من الأقطار العربية». وعن ارتباط هذا التوجه نحو الإطار الإسلامي في تونس بالواقع العربي بشكل عام تؤكد بن عاشور «أن هذه الظاهرة واضحة على مستوى الوطن العربي، والمرحلة الحالية تشكل نوعا من اللحظة التاريخية بالنسبة للخطاب الإسلامي»، معتبرة أنه «يجب على اليساريين والديموقراطيين بشكل عام في الوطن العربي أن يتبعوا استراتيجية جديدة يتصلون فيها بشكل أكبر مع قوى المجتمع، وهو ما فشلوا في فعله خلال المرحلة الماضية».
«هزيمة» هي «للديموقراطيين» كما قالت بن عاشور، لكنها أكدت في الوقت ذاته أنها «فرحة بفوز الديموقراطية» متمثلة في العملية الانتخابية نفسها.
«الديموقراطية»
هذه «الديموقراطية» الموصوفة تحدث عنها ملاحظو (مراقبو) المعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدولية والذي شاركت بعثته المشكلة من 49 مراقبا في متابعة سير الانتخابات التونسية بمجمل مراحلها. وفي مؤتمر صحافي شارك فيه رئيس بعثة المعهد رئيس البيرو السابق اليخاندرو توليدو ووزير الخارجية الأردني السابق مروان المعشر، مع شخصيات أخرى، أكد الوفد الدولي في غزل امتد حوالي 30 دقيقة أن «التونسيين قاموا بأداء ديموقراطي أبهروا به العالم... وتفوق في معاييره على العديد من الانتخابات في بلاد كالولايات المتحدة»، كما أشاروا إلى مشاركة النساء بكثافة كناخبات وأيضا كمراقبات، مؤكدين أن التجاوزات كانت شبه غائبة.
وقال المعشر الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس البنك الدولي للشؤون الخارجية، «إننا لا نستطيع أن ننتقل من الدكتاتورية إلى الديموقراطية بين ليلة وضحاها. وستبقى الكثير من المشاكل أمام المسار الديموقراطي»، وذلك ردا على سؤال «السفير»، حول إمكانية التحدث عن مسار ديموقراطي حقيقي في ظل غياب الطروحات الايديولوجية الحقيقية وبروز العنصر الإسلامي كمصدر استقطاب أساسي للشعب عبر القناة الدينية التي تلعب دورا مختلفا عن باقي الأفكار والبرامج السياسية.
وأشار المعشر إلى أن «ما حصل في انتخابات تونس ليس شكليا، وعبر التونسيون عن كثير من الوعي»، مضيفا أن «التحدي الأكبر هو كتابة دستور جديد يضمن التعددية حتى لا ننتقل من مرحلة هيمنة واستفراد بالسلطة إلى مرحلة أخرى مشابهة».
وردا على سؤال حول التخوف من الحكم الإسلامي وتحول نظرة عواصم القرار الغربية إلى هذه الأحزاب الإسلامية، قال المعشر إن «هناك ضرورة لإشراك الإسلاميين في الحكم طالما يقبلون مبدأ التعددية ويبقون تحت سقف الديموقراطية»، معتبرا أن الضمانة لذلك تكون في دساتير ما بعد الثورة على المستوى العربي بشكل عام. ويلفت المعشر إلى أن «الغرب كان ينظر للإسلام السياسي على أنه رديف للقاعدة ويستخدم العنف لتحقيق أهدافه. لكنه بدأ يعي الآن أن كل الإسلام السياسي ليس إسلام القاعدة وأنه من غير الممكن تجاهل الأحزاب الإسلامية، علما بأن الأنظمة المغلقة وضعت المواطن العربي أمام غياب الخيارات إلا الخيار الديني». وخلص إلى القول إن المطلوب الآن هو «فتح الخيارات كي تتنافس الأحزاب الإسلامية مع غيرها على كسب ثقة المواطن العربي في ظل النظام الديموقراطي».
أ.ف.ب
أما بلقيس مشري نائبة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان فبدت متخوفة من "ربط الفصل الأول من الدستور التونسي بكل القوانين التي ستصدر لاحقًا".
وهناك شبه إجماع في تونس على الإبقاء على الفصل الأول من دستور سنة 1959 في الدستور الجديد. وينص هذا الفصل على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها".
وأكدت الناشطة التونسية المكلفة بشؤون المرأة داخل الرابطة على "مواصلة النضال من أجل أن تحصل المرأة التونسية على كامل حقوقها، وأن يدرج ذلك في الدستور الجديد وفق النصوص والمواثيق الدولية".
الشرق الأوسط :الغنوشي.."أردوغاني"..في مواجهة أتاتوركيي تونس.
الرابط: http://aawsat.com/details.asp?section=45&article=647124&issueno=12022
ولد الغنوشي في الحامة، وهي مدينة صغيرة على الساحل الجنوبي الشرقي لتونس، في 22 يونيو (حزيران) 1941، لدى عائلة متواضعة. واتجه نحو الدراسات الدينية. وبعدما نال إجازة في الفقه الإسلامي في تونس في 1962 أصبح مدرسا في قابس المدينة الواقعة في وسط غربي البلاد، حيث اكتشف «البؤس من الداخل». وتقول أوساطه إنه كان «متعطشا للمعرفة ومتأثرا جدا بالقومية العربية». وقد غادر لمتابعة دراسته في القاهرة ثم في دمشق حيث نال شهادة في الفلسفة. وبعد فترة قصيرة أمضاها في فرنسا عاد إلى تونس في نهاية الستينات واكتشف مجتمعا منطلقا على طريق العلمانية.
وعبر عن مواقفه في السبعينات عبر خطب شديدة اللهجة دعا فيها إلى تدمير «أتباع إسرائيل»، مطالبا بتطبيق الشريعة الإسلامية لفرض النظام في مجتمع كان يعتبر أنه فاسد. وأسس مع بعض رفاقه في مطلع 1981 حركة ذات توجه إسلامي أصبحت لاحقا النهضة. وبدأ الغنوشي بإثارة قلق السلطة، واتهم بتأجيج اضطرابات وحكم عليه أول مرة بالسجن 11 عاما في نهاية 1981 ثم بالأشغال الشاقة المؤبدة في مطلع 1987.
وللمفارقات فإن وصول بن علي إلى السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 أنقذ وضعه، فقد عفا عنه في 1988 مقابل إعلان ولائه للرئيس الجديد. ويروي عنه أحد مسؤولي الحركة في تونس، علي العريض، الذي أوقف في 1990 وأمضى 14 عاما في السجن، أنه «يرفض العنف ويعترف بوضع المرأة. لكن ذلك لا يكفي. ففي الانتخابات التشريعية عام 1988 حصلنا على أكثر من 17 في المائة من الأصوات وبدأنا التعرض للضرب». وفي نهاية 1989 غادر الغنوشي تونس إلى الجزائر ثم إلى لندن في 1991. والسنة التالية حكمت عليه محكمة عسكرية في تونس مع مسؤولين دينيين آخرين بالسجن المؤبد بتهمة «التآمر» ضد الرئيس.
بعد دراسته في دمشق، عاد الغنوشي إلى تونس ليؤسس عام 1972 حركة الاتجاه الإسلامي وهي الحركة التاريخية التي تمثل التيار الإسلامي في تونس والتي ستتحول تسميتها لاحقا إلى حركة النهضة. تأسست الحركة وأعلنت عن نفسها رسميا في 6 يونيو (حزيران) 1981 ولم يتم الاعتراف بها كحزب سياسي في تونس إلا في 1 مارس (آذار) 2011. ولا يمكن تقديم الغنوشي دون الحديث عن الحركة الإسلامية في تونس. وقد جاء في بيانها التأسيسي «نحن لا نعارض البتة أن يقوم في البلاد أي اتجاه من الاتجاهات، ولا نعارض البتة قيام أي حركة سياسية، وإن اختلفت معنا اختلافا جذريا بما في ذلك الحزب الشيوعي. فنحن حين نقدم أطروحاتنا نقدمها ونحن نؤمن بأن الشعب هو الذي يرفعنا إلى السلطة ليس إلا» ودعت في بيان آخر لاحق إلى «الصمود ضد الاستدراج إلى العنف»....
ولكن هجرة راشد الغنوشي لقيت الكثير من الانتقادات على المستوى المحلي، فقد رأى فيها قياديو الحركة وخاصة القواعد التي تعرضت للتشريد والفصل عن العمل والتنكيل بهم في السجون أن خروج الغنوشي من تونس مثل هروبا من الساحة السياسية وترك منظوريه من الحركة أمام مصير مجهول، والحال أن كل القواعد قد انضمت إلى الحركة بعد أن سمعت خطب الغنوشي واطلعت على كتبه ومؤلفاته. وبداية من سنة 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة وقد بلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج. في مايو 1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت الأجهزة الأمنية حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وقد بلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 شخص. وواصل نظام بن علي التضييق على وجود الحركة وقاومها بكل الوسائل رغم انتقادات المنظمات الدولية.
وبعد سقوط حكم بن علي أكد الغنوشي أنه مع الديمقراطية وضد الخلافة الإسلامية وقدم حركة النهضة على أساس أنها حركة مدنية لا تنوي الاستيلاء على الحكم بالقوة بل تعمل على المشاركة السياسية وفق الطرق السلمية بعيدا عن منطق العنف.
ولئن لم تعلن الحركة في بيانها التأسيسي أنها مرتبطة بالإخوان المسلمين فإن كثيرا من المصادر تذكر أن رئيس الحركة راشد الغنوشي يعتبر حركة الإخوان حليفا ولكنها ليست مرجعية، إلا أن راشد الغنوشي رئيس الحركة ومؤسسها حاصل على عضوية مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين حسب مصادر أخرى. ويبدو أن النموذج التركي قد أغرى راشد الغنوشي بعد أن أغرى نموذج كمال أتاتورك الحبيب بورقيبة في فترة أولى بعد استقلال تونس. ولعل النجاح الذي عرفه ذاك النموذج والنجاحات الاقتصادية التي حققها هي التي قد تكون النموذج المفضل لحركة النهضة خلال السنوات القادمة.
راشد الغنوشي وبعد رجوعه إلى تونس بداية سنة 2011 بعد أيام قلائل من الإطاحة بنظام بن علي، صرح لوسائل الإعلام قائلا «اليوم لم يعد الناس يخافون منّا، الحركة الآن تشهد إقبالا من كلّ الفئات وسنفتح قريبا باب العضوية وتقديراتنا أنّه سيكون لنا مليون عضو، كلّ طبقات المجتمع مقبلة علينا فلماذا نحتاج إلى تمويل من الخارج».
عاد راشد الغنوشي إلى تونس بعد أكثر من 22 عاما من اللجوء السياسي ببريطانيا، واستقبله بمطار تونس قرطاج الدولي أكثر من 20 ألفا من أنصار حركة النهضة. وأكد الغنوشي منذ عودته، على عدم نيّته الترشح لأي منصب سياسي، وأنه سيغادر رئاسة حركة النهضة في أول مؤتمر تعقده الحركة بعد الإطاحة بنظام بن علي. ولعل النتائج المحققة في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي تؤكد الإطاحة بمعظم خصومه السياسيين سواء منهم الذين دافعوا عن الحركة الإسلامية خلال محنتها أو الذين أعملوا فيها خناجرهم. وكل الملاحظين يؤكدون على الدور الحيوي الذي لعبه راشد الغنوشي لإعادة النفس الديني إلى البيوت التونسية بعد عقود من عمليات التغريب والتغافل عن مسألة الهوية في المجتمع التونسي.
ومن الواضح أن حركة النهضة تعيش بدورها حراكا سياسيا كبيرا تترجمه العلاقات المتنافسة بين التيار الذي حوكم وقضى سنوات في السجون التونسية وبين التيار الذي انتظر خارج البلاد وعاد ليجني الثمار بعد الثورة. راشد الغنوشي يمثل اليوم رجل وفاق بين مختلف التيارات السياسية حتى وإن عبر البعض من القيادات الجديدة عن نيته التخلص من القيادات «القديمة» لكن السؤال الآن يبقى حاضرا: هل يغادر الغنوشي البيت قبل أن يقرر البعض بداية تنظيفه، أم يبقى داخله، مواصلا إصلاحاته.. وأفكاره التي أوصلت الحزب إلى دفة الحكم.
Spiegel : انتصار حزب النهضة … لماذا صوَّت التونسيون للإسلاميين؟
كتب: Mathieu von Rohr
بعد الانتكاسة الكبرى التي واجهتها النخبة التونسية، يبدو أن حزب النهضة الإسلامي يستعد لقيادة أول حكومة منتخبة ديمقراطياً في البلاد. ويبدو أن الإسلاميين كسبوا تأييد عامة الشعب الذي كان يبحث عن مصداقية أكبر في عالم السياسة. لكن تبقى المخاوف من أن تتحول تونس إلى نظام ديني جديد مبالغاً فيها، لأن الإسلاميين التونسيين يتطلعون إلى تركيا كنموذج يُحتذى به.
سُجّل فوز الإسلاميين المعتدلين في حزب النهضة هذا الأسبوع في أول انتخابات حرة تشهدها تونس على الإطلاق. لم يُعرَف عدد الأصوات التي حصلوا عليها بالتحديد حتى الآن، لكن تشير جميع التقارير الصادرة عن الدوائر الانتخابية المختلفة إلى أنهم سيحصلون على 40 في المئة تقريباً من المقاعد في التجمع الدستوري الجديد. يشعر كثيرون في الغرب بالارتباك والقلق بسبب هذه النتائج. فهم يتذكرون مشهد الشباب الذين احتفلوا في شوارع تونس بالحرية التي اكتسبوها بعد إسقاط الحاكم التونسي الديكتاتوري في شهر يناير. لكن هل فاز الإسلاميون الآن؟ كيف يُعقَل أن يصوّت الناس، في أول استحقاق انتخابي حر، لمصلحة أحزاب دينية؟ حتى أن صحيفة “بيلد” الألمانية ذهبت إلى حد طرح السؤال الآتي: “هل نستطيع أن نقصد تونس لقضاء العطلة بعد اليوم؟”.
يسهل الربط بين أنباء فوز الإسلاميين في تونس وأنباء إعادة السماح بتعدد الزوجات في ليبيا. لكن الاختلاف بين البلدين شاسع. في المقام الأول، لا تُعتبر نتائج الانتخابات التونسية مفاجئة بأي شكل، ولا شيء يدعو إلى الهلع أصلاً.
قبل كل شيء، ما حصل هو انتصار للديمقراطية. أُجريت انتخابات يوم الأحد قبل الماضي من دون تسجيل أي مشكلة، وقد كانت منظمة وحرة وعادلة بشكل متكامل، وهذا ما أكده جميع المراقبين الدوليين. وشارك في الانتخابات أكثر من 50 في المئة من الناخبين المؤهلين. إنها أنباء سارة في بلدٍ يشهد أول انتخابات ديمقراطية على الإطلاق. فضلاً عن ذلك، صوتت نسبة كبيرة من الشعب لمصلحة أحزاب لها ميول دينية.
إسلاميّو تونس معتدلون
من غير المتوقع أن تصبح تونس نظاماً دينياً مشابهاً للنظام الإيراني. فمن المعروف أن أغلبية الإسلاميين في حزب النهضة هم من المعتدلين. لطالما شدد زعيم الإسلاميين راشد الغنوشي على أن حزبه يدعم المساواة بين الجنسين، وفق ما ينص عليه الدستور القديم، وقد أعلن أن حزبه لن يُجبِر النساء على ارتداء الحجاب. وأضاف أن الحزب لا ينوي تشريع تعدد الزوجات مجدداً أو فرض عقوبات متطرفة. يحب الغنوشي المقارنة بين مواقف حزب النهضة ومواقف الإسلاميين المعتدلين في حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا.
لا شك في أن حزب النهضة هو حركة واسعة تشمل فصائل متحفظة أكثر من قيادة الحزب الراهنة. لكن لم يدعم معظم الناخبين حزب النهضة بسبب ميلهم إلى نشوء نظام ديني متشدد. بل إنهم اقتنعوا بمصداقية الحزب وتأثروا بقربه من عامة الشعب. غداة استقلال تونس عن فرنسا في عام 1956، خضع البلد لقيادة نخبة فرانكوفونية تتبع النموذج الغربي بعد حقبة الاستعمار. لم يكن مؤسس البلد الحبيب بورقيبة يلتزم بالتعاليم الدينية، فكان يسخر من ارتداء الحجاب مثلاً. وفي شهر رمضان، كان يظهر عمداً على التلفزيون وهو يشرب عصير البرتقال في فترات الصوم. لكن في عهد بورقيبة، لم تكن تونس نظاماً ديمقراطياً بأي شكل. وفي عهد خلفه زين العابدين بن علي، أصبح البلد نظاماً ديكتاتورياً.
النظام اضطهد الإسلاميين
طوال عقود، كان النظام يضطهد الإسلاميين، فكان يحتجز مناصريهم في السجون ويعذبهم بطريقة وحشية، لذا أُجبر الكثيرون على الهرب من البلد، وكان من بينهم زعيم الإسلاميين الغنوشي الذي أقام في لندن طوال 20 عاماً، وعاد إلى وطنه في شهر يناير الماضي. أرادت القوى الحاكمة أن يلعب الإسلام دوراً ثانوياً في المجتمع، وكان الوضع كذلك. قبل وقوع الثورة، نادراً ما كنا نشاهد نساء محجبات في شوارع تونس، وكان عدد النساء العاملات مرتفعاً، أقله في العاصمة. ظاهرياً، كان البلد يتمتع إذن بنفحة غربية، لكن في العمق كان الواقع مختلفاً.
لطالما كان الانقسام الثقافي والاجتماعي في هذا البلد كبيراً وقد اتسع نطاقه في السنوات الأخيرة. من جهة، نجد النخبة التونسية الثرية في العاصمة تونس، وقد تلقّى معظم أعضاء هذه الفئة تعليمهم في فرنسا وكانوا يحاولون تقليد أسلوب الحياة الفرنسية، حتى أنهم يفضلون أحياناً التحدث باللغة الفرنسية بدلاً من اللغة العربية.
من جهة أخرى، نجد السكان المحافظين في معظمهم ضمن الضواحي الفقيرة للعاصمة وفي المناطق التونسية الداخلية. لم تكن نخبة المجتمع هي التي أطلقت الثورة وأسقطت بن علي، بل كانت الثورة من صنع الشبّان المنتمين إلى أفقر مناطق البلد، وذلك بدافعٍ من البطالة واليأس. كانت هذه الجماعة بالذات هي التي حاربت الشرطة طوال أسابيع، وكان معظم الضحايا الذين سقطوا في المواجهات ينتمون إلى هذه الفئة أيضاً.
«النهضة» يدعم الاقتصاد
لقد صوتت شريحة واسعة من الناس لمصلحة حزب النهضة. من وجهة نظرهم، يجسد هذا الحزب كل ما كان الحكام السابقون يفتقرون إليه، إذ يُعتبر أعضاؤه موثوقين ومستقيمين وغير فاسدين، ويركز الحزب أيضاً على القضايا الاجتماعية. كان بن علي يضطهدهم، وكانوا أشبه بالدخلاء على الحياة العامة، ولم يستفيدوا من النظام القديم بأي شكل- لكن لا يمكن قول الأمر نفسه عن معظم السياسيين الآخرين. كذلك، طرح حزب النهضة مشروع تحقيق الازدهار الاقتصادي وفق النموذج التركي في حملته الانتخابية ونجح في إظهار نفسه بصورة الحزب الذي سيحافظ على هوية تونس “العربية المسلمة”.
يشكل نجاح حزب النهضة أيضاً ضربة قاسية في وجه النخبة التونسية التي تميل إلى أسلوب الحياة الغربية، وقد حققت الأحزاب العلمانية واليسارية الليبرالية التي تنتمي إلى تلك النخبة نتائج متواضعة، لا بل كارثية، في بعض الحالات. فهي لم تتمكن من التواصل مع سكان الريف البسطاء، بينما حقق حزب النهضة فوزاً ساحقاً ضمن هذه الفئة من الناخبين. استطاع حزب النهضة التواصل مع هؤلاء الناس، لأنه يتمتع بدرجة عالية من التنظيم ونسبة أكبر من التمويل مقارنةً بالأحزاب الأخرى. يتوزع عشرات آلاف الأعضاء المنتمين إلى الحزب في أنحاء البلد وقد خاضوا حملة انتخابية مكثفة، وكانت هذه الحملة الوحيدة التي نجحت في دفع الناخبين إلى المشاركة في الاقتراع. ربما لم يكن مرشحو أحزاب النخبة على علاقة ببن علي، ولكنهم كانوا بنظر الناخبين يمثّلون النظام القديم. على الأقل هكذا كان رأي السياسي أحمد نجيب الشابي، وهو رجل حليق يرتدي البذلات الرسمية ويجيد اللغة الفرنسية. في السنوات الأخيرة، أعلن نفسه خصماً لبن علي، واعتبر نفسه خلال حملته الانتخابية أبرز مرشح منافِس لحزب النهضة إلى جانب حزبه الديمقراطي التقدمي اليساري الليبرالي. لكن على رغم ارتفاع التوقعات الإيجابية، كسب حزبه عدداً قليلاً من المقاعد.
بروز ظاهرة التحجب
لا يشعر الناس بالقلق من فوز الإسلاميين في أوروبا فحسب بل تسلل القلق أيضاً إلى نفوس مناصري السياسة العلمانية وحقوق المرأة في تونس. فقد تأكد الآن أن الإسلام سيكون له وقع مهم في تونس مستقبلاً. منذ الثورة، أصبح مشهد النساء المحجبات أو الرجال الملتحين أكثر شيوعاً. كذلك، نُشرت تقارير عن أئمة طُردوا من المساجد لأنهم اعتُبروا ليبراليين أكثر من اللزوم. قبل أسبوع من الانتخابات، أدى بث فيلم الكرتون “برسيبوليس” (Persepolis)، الذي يضم تجسيداً لصورة الله بما يعارض التعاليم الإسلامية التي تمنع تصويره، إلى انطلاق احتجاجات عنيفة.
لكن لطالما كانت تونس واحدة من أبرز الدول المسلمة الليبرالية. صحيح أن معظم شعبها محافظ بطبيعته، ولكنه لا يُعتبر متديناً بطريقة متطرفة بل إنه متأثر بالأفكار الأوروبية. يعتمد هذا البلد أيضاً على السياحة والاستثمارات الخارجية ولن يرغب الإسلاميون حتماً في إبعاد السياح والمستثمرين، كما أنهم لا يستطيعون تحمل كلفة ذلك.
لن يتمكن حزب النهضة من حكم البلد وحده. فلم يصوّت معظم التونسيين لمصلحة الحزب، لذا سيسعى على الأرجح إلى البحث عن شركاء له في صفوف الأحزاب العلمانية من أجل تشكيل حكومة ائتلافية. سبق أن بدأ قادة النهضة بعقد المحادثات الأولية، وذلك قبل إعلان نتائج الانتخابات النهائية. كما عمدوا إلى تسمية الأمين العام حمادي الجبالي كمرشح لرئاسة الحكومة، ولكنهم أعلنوا أنهم لن يسمّوا مرشحاً لرئاسة البلاد.
أشار متحدث باسم حزب النهضة إلى أن الحزب سيسعى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. ستكون هذه الخطوة بمنزلة رمز للمصالحة وضمانة للاستقرار الذي تحتاج إليه تونس بشدة الآن. يجب أن يتخذ السياسيون خطوات جذرية لتحفيز الاقتصاد المتدهور ويجب أن يتفقوا على لغة الدستور. لا شك في أن الطريق سيكون شائكاً. تختلف الآراء السياسية في هذا البلد وسيصعب الدمج بين رغبة الإسلاميين في العودة إلى الجذور العربية والإسلامية من جهة والقيم الغربية التي تتبناها الطبقات الليبرالية الفرنكوفونية من جهة أخرى. لكن إجراء الانتخابات من دون مشاكل يُعتبر مؤشراً واعداً على أن تونس قد تكون مستعدة للاستحقاق الديمقراطي الذي تحتاج إليه. وفق الخطة الراهنة، يجب أن يستكمل التجمع الدستوري عمله خلال سنة، إذ ستُعقد انتخابات جديدة بعد انقضاء هذه الفترة. في تلك المرحلة، ستحصل جميع الأحزاب الأخرى على فرصة جديدة.
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2011/10/692777.html?entry=newspapersnewsandreports
في السياسة تشابه كبير مع الكرة. كلاهما يلعب وكلاهما يفوز ويخسر من خلال اكتشاف الآخر.
تونس قدمت لمصر سابقتها في إشعال الثورة فأوقدت في الشعب الجرأة والتصميم والصبر ومنحته دروسا في مقاومة القنابل المسيلة للدموع والصمود أمام زخات الرصاص، لدرجة أن القوم لجأوا في النهاية إلى استخدام الجمال والبغال والحمير بعد أن فقدوا صبرهم في اخماد ميدان التحرير!
وها هي تونس تقدم لمصر دروسا أخرى. هذه المرة ليست في الشارع أو الميادين وإنما في صناديق الانتخابات وحملات المتنافسين السياسية.
/////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////
مع بداية إعلان النتائج الأولى غير الرسمية، بدت حركة «النهضة» متعجلة. سارعت إلى فتح باب المشاورات مع باقي الكتل التي يمكن أن تشارك معها في الحكومة المقبلة. كان عليها أن تنتظر قليلاً، خصوصاً أنها منذ نجاح الثورة وبدء الإعداد للانتخابات لم تغادر موقفها الدفاعي. فمعظم القوى والأحزاب الليبرالية والقومية واليسارية خاض الاستحقاق في ظل مشروع عنوانه العريض محاربة «النهضة».
كــــان يمكن هـــذه القوى ربما أن تحصـــــد عدداً أكبر من مقاعد المجلس التأسيسي لو أنها انتظمت في ائتلاف عريض. أو لو قدمت، على الأقل، عنواناً آخر لمشروعها يتناول مستقبل البلاد وهويتها السياسية. ويتصدى للمشاكل الكثيرة، ويقترح الحلول المرجوة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وخلافها... لذلك بدا أن هذه القوى منقسمة اليوم: قسم يحاور الحركة استعداداً للمشاركة في المرحلة المقبلة، وقسم يصد أمامها باب التعاون.
حرصت «النهضة» على التأكيد، منذ اليوم الأول على إطاحة نظام الرئيس بن علي، أنها تستلهم النموذج التركي في الحكم. ليس لتونس وحدها بل للعالم العربي. أي إقامة دولة تتآلف فيها القيم الإسلامية مع القيم الديموقراطية المعاصرة، كما صرح زعيم الحركة راشد الغنوشي. وظلت ولا تزال تتمسك إلى اليوم بهذا الخطاب الذي شكل عماد خطها الدفاعي في مواجهة خصومها الذين حذروا من مجيء الإسلاميين إلى الحكم لتقويض كل المكتسبات الحداثية وحقوق المرأة التي بدأ بناؤها من أيام الحبيب بورقيبة إلى يوم رحيل بن علي. تجدد الحركة كل يوم حرصها على قيادة حكومة وفاق مع كل الأطراف. ووجهت أكثر من رسالة طمأنة إلى الداخل والخارج بخصوص هوية البلد، أو بالأحرى هوية النظام: ستعتمد اقتصاد السوق، وتداول السلطة عبر صناديق الانتخاب.
إلا أن بعض خصوم «النهضة» يلمحون إلى أن براغماتيتها لا تخفي حقيقة أن في صفوفها تياراً شبابياً أكثر راديكالية من شيوخها الذين علمتهم تجارب النفي والسجن الطويلين أن يكونوا أكثر واقعية. فهل يكون لهؤلاء خطاب آخر مختلف في المساجد والمنتديات الحزبية الضيقة؟ وهل المعلن من مواقف الاعتدال المفرط موجه للاستهلاك الخارجي فحسب؟
أياً يكن خطاب «النهضة» فإن تجربتها لا يمكن أن تكون على غرار تجربة «طالبان» في أفغانستان. ولن تكون على مثال تجربة «جبهة الإنقاذ» في الجزائر المجاورة، أو تجربة السودان. وسواء اعتمدت خطابين أو ثلاثة، فإنها لن تستطيع القفز فوق حقائق تاريخية راسخة طبعت المجتمع التونسي على رغم الاستبداد الذي عاناه. إنه مجتمع متقدم يزخر بأعداد وافرة من الخريجين وحملة الشهادات الجامعية. مجتمع عرف، في ظل الاستبداد، تيارات إسلامية وليبرالية ويسارية، وهيئات مدينية ونقابية لم يستطع تطويعها بالكامل. وتبنى قانوناً عصرياً للأحوال الشخصية وضع المرأة التونسية على قدم المساواة مع الرجل. وقدم «معجزة اقتصادية» على رغم المواجهة التي قادها النظام البائد لضرب هذه القوى الحية والفاعلة. وشهد حركة تحديث، من أيام الحبيب بورقيبة، تنامت مــــع ربط اقتصاد البلاد باقتصادات أوروبا، خصوصاً في قطاعي السياحة والصناعات الخفيفة التي كانت تساهم برقم معتبر في الناتج الوطني، وتوفر آلاف الوظائف ليد عاملة رخيصة لآلة الصناعة الأوروبية.
هل تتعـــامى «النهضة» عن هذه الحقائق فتتجــــاهــل مكامن القوة السياسية والفكرية والثقافيـــة المتنوعة في المجتمع التونسي؟ وهــــل تجازف بتوجيه ضربة إلى اقتصاد البــــلاد؟ يدرك شيوخ «النهضة» جيداً أن ثمة تحديـــات داخلية كبيرة: المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الجمة التي فاقمها الركود الاقتصادي الدولي. والبطالة الواسعة التي كانت من أسباب الانفجار الشبابي في تونس. هذا من دون الحديث عن التأثيرات العابرة للحدود، من مصـــر التــــي تستعد لاستحقاقها الانتخابي وسط صـــــراع أيديولوجي صاخب بين الإسلاميين والليبراليين، ووسط توتر طائفي، وخوف مقيم من عودة تسلل فلول النظام البائد وحزبه الوطني، وريبة من المجـــلس العسكري. إلى ليبيا التي تتلمس طريقــــاً مليئاً بالألغام والتعقيدات. فالجزائر المقيمة على قلق من رياح التغيير.
وسط هذا الكم من التحديات الداخلية والخارجية، هل يستطيع الغنوشي ورجال يخوضون للمرة الأولى تجربة الحكم من موقع السلطة الأول، احترام تعهداتهم بالحفاظ على الطابع المدني للدولة والذهاب بعيداً في تقليد النموذج التركي... أم أن نتائج الحراك في غير بلد عربي ستترك آثارها على هذه الثمرة الأولى من ثمار الربيع العربي؟
إن نجاح الانتخابات في تونس لن يكون معزولاً عن مستقبل الحراك الإسلامي في الانتخابات المصرية حيث الصراع مفتوح على مصراعيه. ولن يكون معزولاً عن توجهات الإسلاميين في ليبيا. فالمجتمع هنا أكثر محافظة من جاره التونسي. كما أن مسيرة «الحرب» على نظام القذافي رسخت دوراً كبيراً للمقاتلين في صفوف الإسلاميين، سواء كانوا من صفوف «الإخوان» أو من صفوف «الجماعة المقاتلة» بقيادة عبد الكريم بلحاج الذي قاد حملة «تحرير» طرابلس. إضافة إلى أن الصراع على السلطة في ليبيا فُتح باكراً. وطغت عليه الصبغة الإيديولوجية أكثر مما طبعته الجهوية. وبدا واضحاً منذ الهجوم على رأس السلطة التنفيذية الموقتة محمود جبريل أن الإسلاميين بالمرصاد، ويودون صرف رصيدهم الذي راكموه طوال أشهر القتال ضد «كتائب القذافي». هذا من دون الإشارة إلى ما بثه «خطاب التحرير» لمصطفى عبد الجليل من إشارات وما أيقظ من «شياطين»!
إن نجاح الثورة في إطاحة القذافي وتحرير ليبيا، يمنح الربيع العربي مزيداً من الثقة والأمل والمثابرة والصبر. ومثله إن نجاح التجربة الديموقراطية الأولى في تونس سيترك أثره في الحراك العربي. سيقدم نموذجاً إلى المصريين. مثلما سيقدم نموذجاً ضاغطاً على سورية واليمن حيث لا يزال الحراك يواجه مقاومة شرسة. فهل يستطيع هذان البلدان، بعد اليوم أن يقارنا «فضائل وقيم» قيادة الفرد الواحد والحزب الرائد بما يحققه التونسيون الذين توجه أكثر من تسعين في المئة منهم إلى الانتخابات في ما يشبه جموعاً ضربها العطش لنصف قرن؟ هل يستقيم القول إن التجربة التونسية ليست سوى حلقة في مشروع أميركي يقف وراء الحراك العربي كله، وإن كان الأميركيون والأوروبيون يجهدون لتأمين مصالحهم، وهذا من أبسط واجبات الدول؟ ألا يرى التونسيون إلى تجربتهم تعبيراً جامحاً عن الرغبة في التغيير واستعادة قيم الحرية والكرامة والعدالة والمساواة؟ ألا يقدم التونسيون مثالاً يقوض كل نظريات أولئك الذين يكيلون بمكيالين في تعاملهم مع الربيع العربي هنا وهناك؟
التجربة التونسية تدعو إلى التبصر بمآل الحراك العربي. ولا مبالغة في القول إن الأمر يتعلق بمستقبل اللعبة السياسية في هذا البلد. ولا شك في أن صدقية «النهضة» في هذا المجال على المحك. فإما أن تشيع الأمل بإمكان انتقال العالم العربي من عصر الاستبداد إلى عصر أكثر إشراقاً على صعيد الحريات الفردية والتعددية والديموقراطية والعدالة والمساواة وتداول السلطة، مهما طالت الآلام والدماء. وإما أن تقدم مثالاً على إمكان مواجهة قيم العصر بكل تجلياتها من سيطرة التكنولوجيا إلى عولمة حقوق الإنسان والاقتصاد.
إذا نجح النموذج التونسي، هل تبقى ثمة فرص أن يقدم اليمن أو سورية نموذجاً آخر؟ كان يحلو لبعض العواصم العربية وعلى رأسها دمشق، منذ انهيار جدار برلين وولادة الديموقراطيات في أوروبا الشرقية وكثير من بلدان أسيا وأميركا اللاتينية، أن تتماهى مع النموذج الصيني. وأن تتباهى بتجربة بكين وقدرتها على نقل المجتمع واقتصاده إلى أولى المراتب في العالم. كانت تعيب على روسيا سقوطها في الفوضى لاستعجالها التغيير غير المدروس. وهي إلى الآن تتوكأ على هذا النموذج الصيني، مضيفة إليه الشعار المعروف والمكرور بالتخويف من «عصابات» الإسلاميين المتشددين الذين سيكونون بديلاً من الأنظمة القائمة. مثلما تحذر من الفوضى واحتمال انزلاق البلاد إلى حرب أهلية أو التقسيم أو «الأفغنة» على ما صرح الرئيس بشار الأسد قبل يومين.
خطت آسيا ومثلها أميركا اللاتينية وقبلهــما أوروبا الشرقية خطوات على طريق الديموقراطية والليبرالية، وحققت معجزات. وحتى الصين وروسيا بوتين - مدفيديف اللتان تتوكأ عليهما دمشق وغيــــرها اليوم، تقيمان مؤسسات تغلب حكم القانون وتوفر هامشاً من الحريات واحترام حقوق الإنسان. ولا شك في أن نجاح التجربة التونسية وبعدها التجربة المصرية سيفتح الطريق واسعاً أمام التغيير الموعود في طول العالم العربي وعرضه، من العراق إلى موريتانيا... إلا إذا لم يكن أمام سورية واليمن غير النموذج السوداني!
تونس
(وات) - قال رئيس البرلمان الأوروبي جيرزي بوزيك الذي يؤدي حاليا زيارة
إلى تونس "ان صعود ديمقراطية اسلامية ونجاحها امر مكن في تونس، في ظل دولة
حرة وديمقراطية تضمن التوازن كما تضمن الفصل بين السلطتين الدينية
والسياسية".
انتخابات المجلس التأسيسي في تونس ونتائجها ليست حدثاً داخلياً يخص
التونسيين. من هنا انطلقت الشرارة الأولى للحراك العربي المستمر. ومن
صناديق الاقتراع خرج الدرس الأول. والقوى السياسية الجديدة ستقدم التجربة
الأولى. والإسلاميون الذين يتقدمون نحو الحكم سيقدمون النموذج الأول.
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionID=1987&ChannelID=47000&ArticleID=2711 الرابط
تونس: الديموقراطية تهزم ... «الديموقراطيين»
مناصرون لحركة «النهضة» يتجمعون أمام مقر الحركة في تونس أمس (أ ف ب) | |
الفوز... المبدئي..
...وكانت نسب الأصوات أكثر تعبيرا عن الهوة بين نتائج «النهضة» والاحزاب الأخرى، من اعداد المقاعد وحدها، إذ حصلت الحركة الإسلامية على 45 في المئة من أصوات الناخبين التونسيين في العالم العربي، أما «مؤتمر» المرزوقي صاحب المقعد الثاني عن هذه الدائرة الانتخابية فحصل على 14 في المئة من الأصوات. أما في دائرة فرنسا - باريس، فحصلت «النهضة» على 37.7 في المئة من الأصوات، يليها «مؤتمر» المرزوقي بـ12 في المئة.
أما النتائج غير الرسمية المتداولة في وسائل الإعلام المحلية، فأشارت إلى تقدم كبير لـ«النهضة» في عدد من مراكز الاقتراع. وفي ولاية سيدي بوزيد التي تتحلى برمزية كبيرة كونها موقع اشتعال جسد الشهيد الأول للثورة محمد البوعزيزي، حلت «العريضة الشعبية» الإسلامية التوجه في المركز الاول...
وسعت «النهضة» الى توجيه رسائل طمأنة للداخل والخارج بعد صدور تلك النتائج. وأكد نور الدين البحيري، عضو المكتب التنفيذي لـ«النهضة»، التزام الحزب باحترام حقوق المرأة وتعهدات الدولة التونسية كافة. وأضاف «مهما كانت نسبة مقاعد النهضة لن ننفرد بالحكم ولن نسمح لأحد بأن ينفرد بالحكم... ونحن نمد أيادينا لكل أحرار تونس من أجل تونس بلا ظلم ولا استبداد، ونحن في حوار مع جميع الأطراف السياسية إلا من رفض ذلك».
الحزب «الديموقراطي التقدمي» بزعامة احمد نجيب الشابي ومية الجريبي، شكل إلى حد كبير مفاجأة في عدم حصوله على أي من مقاعد دوائر الخارج، كما أن النتائج التي نقلتها وسائل الإعلام المحلية من محاضر الفرز المعلقة في مراكز الدوائر الجهوية، أشارت إلى هزيمة نكراء لـ«التقدمي» موازية للفوز الجرار لـ«النهضة». وخرج عضو المكتب السياسي لـ«التقدمي» عصام الشابي في مؤتمر صحافي يؤكد أن «الحزب قابل بقوانين اللعبة السياسية، ولن يعترض على النتائج الانتخابية»، مضيفا أن «التقدمي» سيواصل «نضاله ويبقى على الساحة السياسية» في تصريح بدا كإعلان مبطن لانتهاء الدور السياسي للحزب.
وقالت مية الجريبي، إن «المؤشرات واضحة جداً والحزب الديموقراطي التقدمي في وضع سيئ. هذا قرار الشعب التونسي وأنا أنحني أمام خياره وأهنئ من حازوا تزكية الشعب التونسي». وأضافت الجريبي التي ركز حزبها حملته على التصدي للإسلاميين «سنكون دائماً هنا للدفاع عن تونس الحداثة المزدهرة والمعتدلة» معتبرة أن البلاد تشهد «منعطفاً تاريخياً».
الهزيمة المؤكدة ...
المناضلة النسوية المعروفة سناء بن عاشور أكدت لـ«السفير»، في الوقت نفسه أنها «مناضلة لا تنطلق من الخوف. وتتبع منهجا فاعلا، لا ضمن منطق رد الفعل»، لكنها أشارت في الوقت ذاته إلى أنه «من الطبيعي أن يكون لدينا مخاوف ازاء الحقوق التي سيضمنها أو يلغيها الدستور الذي سيصيغه المجلس التأسيسي». وردا على سؤال حول قراءتها للنتائج البادية حتى الآن، قالت بن عاشور إن «في ذلك إشارة إلى توجه المجتمع التونسي نحو المحافظة لا إلى التدين، كون الدين بمفهومه العام ليس حكرا على الإسلاميين كتيار سياسي. ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى الضعف الكبير لليسار التونسي».
وتشدد بن عاشور «علينا أن نعترف بهزيمتنا الكبرى (كديموقراطيين ويساريين). وهذه الهزيمة ليست في النتائج فحسب بل في المقاربة. لأننا فشلنا في التكتل والتحالف بشكل يحفظ في الوقت نفسه خصوصية كل طرف. ونحن نعيش الآن في فشل وحدة اليسار والديموقراطيين، وضعا مشابها لما حصل في فلسطين ولبنان وغيرها من الأقطار العربية». وعن ارتباط هذا التوجه نحو الإطار الإسلامي في تونس بالواقع العربي بشكل عام تؤكد بن عاشور «أن هذه الظاهرة واضحة على مستوى الوطن العربي، والمرحلة الحالية تشكل نوعا من اللحظة التاريخية بالنسبة للخطاب الإسلامي»، معتبرة أنه «يجب على اليساريين والديموقراطيين بشكل عام في الوطن العربي أن يتبعوا استراتيجية جديدة يتصلون فيها بشكل أكبر مع قوى المجتمع، وهو ما فشلوا في فعله خلال المرحلة الماضية».
«هزيمة» هي «للديموقراطيين» كما قالت بن عاشور، لكنها أكدت في الوقت ذاته أنها «فرحة بفوز الديموقراطية» متمثلة في العملية الانتخابية نفسها.
«الديموقراطية»
هذه «الديموقراطية» الموصوفة تحدث عنها ملاحظو (مراقبو) المعهد الديموقراطي الوطني للشؤون الدولية والذي شاركت بعثته المشكلة من 49 مراقبا في متابعة سير الانتخابات التونسية بمجمل مراحلها. وفي مؤتمر صحافي شارك فيه رئيس بعثة المعهد رئيس البيرو السابق اليخاندرو توليدو ووزير الخارجية الأردني السابق مروان المعشر، مع شخصيات أخرى، أكد الوفد الدولي في غزل امتد حوالي 30 دقيقة أن «التونسيين قاموا بأداء ديموقراطي أبهروا به العالم... وتفوق في معاييره على العديد من الانتخابات في بلاد كالولايات المتحدة»، كما أشاروا إلى مشاركة النساء بكثافة كناخبات وأيضا كمراقبات، مؤكدين أن التجاوزات كانت شبه غائبة.
وقال المعشر الذي يشغل حالياً منصب نائب رئيس البنك الدولي للشؤون الخارجية، «إننا لا نستطيع أن ننتقل من الدكتاتورية إلى الديموقراطية بين ليلة وضحاها. وستبقى الكثير من المشاكل أمام المسار الديموقراطي»، وذلك ردا على سؤال «السفير»، حول إمكانية التحدث عن مسار ديموقراطي حقيقي في ظل غياب الطروحات الايديولوجية الحقيقية وبروز العنصر الإسلامي كمصدر استقطاب أساسي للشعب عبر القناة الدينية التي تلعب دورا مختلفا عن باقي الأفكار والبرامج السياسية.
وأشار المعشر إلى أن «ما حصل في انتخابات تونس ليس شكليا، وعبر التونسيون عن كثير من الوعي»، مضيفا أن «التحدي الأكبر هو كتابة دستور جديد يضمن التعددية حتى لا ننتقل من مرحلة هيمنة واستفراد بالسلطة إلى مرحلة أخرى مشابهة».
وردا على سؤال حول التخوف من الحكم الإسلامي وتحول نظرة عواصم القرار الغربية إلى هذه الأحزاب الإسلامية، قال المعشر إن «هناك ضرورة لإشراك الإسلاميين في الحكم طالما يقبلون مبدأ التعددية ويبقون تحت سقف الديموقراطية»، معتبرا أن الضمانة لذلك تكون في دساتير ما بعد الثورة على المستوى العربي بشكل عام. ويلفت المعشر إلى أن «الغرب كان ينظر للإسلام السياسي على أنه رديف للقاعدة ويستخدم العنف لتحقيق أهدافه. لكنه بدأ يعي الآن أن كل الإسلام السياسي ليس إسلام القاعدة وأنه من غير الممكن تجاهل الأحزاب الإسلامية، علما بأن الأنظمة المغلقة وضعت المواطن العربي أمام غياب الخيارات إلا الخيار الديني». وخلص إلى القول إن المطلوب الآن هو «فتح الخيارات كي تتنافس الأحزاب الإسلامية مع غيرها على كسب ثقة المواطن العربي في ظل النظام الديموقراطي».
أ.ف.ب
أما بلقيس مشري نائبة رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان فبدت متخوفة من "ربط الفصل الأول من الدستور التونسي بكل القوانين التي ستصدر لاحقًا".
وهناك شبه إجماع في تونس على الإبقاء على الفصل الأول من دستور سنة 1959 في الدستور الجديد. وينص هذا الفصل على أن "تونس دولة حرة مستقلة ذات سيادة الإسلام دينها، والعربية لغتها، والجمهورية نظامها".
وأكدت الناشطة التونسية المكلفة بشؤون المرأة داخل الرابطة على "مواصلة النضال من أجل أن تحصل المرأة التونسية على كامل حقوقها، وأن يدرج ذلك في الدستور الجديد وفق النصوص والمواثيق الدولية".
الشرق الأوسط :الغنوشي.."أردوغاني"..في مواجهة أتاتوركيي تونس.
الرابط: http://aawsat.com/details.asp?section=45&article=647124&issueno=12022
ولد الغنوشي في الحامة، وهي مدينة صغيرة على الساحل الجنوبي الشرقي لتونس، في 22 يونيو (حزيران) 1941، لدى عائلة متواضعة. واتجه نحو الدراسات الدينية. وبعدما نال إجازة في الفقه الإسلامي في تونس في 1962 أصبح مدرسا في قابس المدينة الواقعة في وسط غربي البلاد، حيث اكتشف «البؤس من الداخل». وتقول أوساطه إنه كان «متعطشا للمعرفة ومتأثرا جدا بالقومية العربية». وقد غادر لمتابعة دراسته في القاهرة ثم في دمشق حيث نال شهادة في الفلسفة. وبعد فترة قصيرة أمضاها في فرنسا عاد إلى تونس في نهاية الستينات واكتشف مجتمعا منطلقا على طريق العلمانية.
وعبر عن مواقفه في السبعينات عبر خطب شديدة اللهجة دعا فيها إلى تدمير «أتباع إسرائيل»، مطالبا بتطبيق الشريعة الإسلامية لفرض النظام في مجتمع كان يعتبر أنه فاسد. وأسس مع بعض رفاقه في مطلع 1981 حركة ذات توجه إسلامي أصبحت لاحقا النهضة. وبدأ الغنوشي بإثارة قلق السلطة، واتهم بتأجيج اضطرابات وحكم عليه أول مرة بالسجن 11 عاما في نهاية 1981 ثم بالأشغال الشاقة المؤبدة في مطلع 1987.
وللمفارقات فإن وصول بن علي إلى السلطة في نوفمبر (تشرين الثاني) 1987 أنقذ وضعه، فقد عفا عنه في 1988 مقابل إعلان ولائه للرئيس الجديد. ويروي عنه أحد مسؤولي الحركة في تونس، علي العريض، الذي أوقف في 1990 وأمضى 14 عاما في السجن، أنه «يرفض العنف ويعترف بوضع المرأة. لكن ذلك لا يكفي. ففي الانتخابات التشريعية عام 1988 حصلنا على أكثر من 17 في المائة من الأصوات وبدأنا التعرض للضرب». وفي نهاية 1989 غادر الغنوشي تونس إلى الجزائر ثم إلى لندن في 1991. والسنة التالية حكمت عليه محكمة عسكرية في تونس مع مسؤولين دينيين آخرين بالسجن المؤبد بتهمة «التآمر» ضد الرئيس.
بعد دراسته في دمشق، عاد الغنوشي إلى تونس ليؤسس عام 1972 حركة الاتجاه الإسلامي وهي الحركة التاريخية التي تمثل التيار الإسلامي في تونس والتي ستتحول تسميتها لاحقا إلى حركة النهضة. تأسست الحركة وأعلنت عن نفسها رسميا في 6 يونيو (حزيران) 1981 ولم يتم الاعتراف بها كحزب سياسي في تونس إلا في 1 مارس (آذار) 2011. ولا يمكن تقديم الغنوشي دون الحديث عن الحركة الإسلامية في تونس. وقد جاء في بيانها التأسيسي «نحن لا نعارض البتة أن يقوم في البلاد أي اتجاه من الاتجاهات، ولا نعارض البتة قيام أي حركة سياسية، وإن اختلفت معنا اختلافا جذريا بما في ذلك الحزب الشيوعي. فنحن حين نقدم أطروحاتنا نقدمها ونحن نؤمن بأن الشعب هو الذي يرفعنا إلى السلطة ليس إلا» ودعت في بيان آخر لاحق إلى «الصمود ضد الاستدراج إلى العنف»....
ولكن هجرة راشد الغنوشي لقيت الكثير من الانتقادات على المستوى المحلي، فقد رأى فيها قياديو الحركة وخاصة القواعد التي تعرضت للتشريد والفصل عن العمل والتنكيل بهم في السجون أن خروج الغنوشي من تونس مثل هروبا من الساحة السياسية وترك منظوريه من الحركة أمام مصير مجهول، والحال أن كل القواعد قد انضمت إلى الحركة بعد أن سمعت خطب الغنوشي واطلعت على كتبه ومؤلفاته. وبداية من سنة 1990 اصطدمت الحركة بعنف مع السلطة وقد بلغت المواجهة أوجها أثناء أزمة حرب الخليج. في مايو 1991 أعلنت الحكومة إبطال مؤامرة لقلب نظام الحكم واغتيال الرئيس بن علي، وشنت الأجهزة الأمنية حملة شديدة على أعضاء الحركة ومؤيديها وقد بلغ عدد الموقوفين حسب بعض المصادر 8000 شخص. وواصل نظام بن علي التضييق على وجود الحركة وقاومها بكل الوسائل رغم انتقادات المنظمات الدولية.
وبعد سقوط حكم بن علي أكد الغنوشي أنه مع الديمقراطية وضد الخلافة الإسلامية وقدم حركة النهضة على أساس أنها حركة مدنية لا تنوي الاستيلاء على الحكم بالقوة بل تعمل على المشاركة السياسية وفق الطرق السلمية بعيدا عن منطق العنف.
ولئن لم تعلن الحركة في بيانها التأسيسي أنها مرتبطة بالإخوان المسلمين فإن كثيرا من المصادر تذكر أن رئيس الحركة راشد الغنوشي يعتبر حركة الإخوان حليفا ولكنها ليست مرجعية، إلا أن راشد الغنوشي رئيس الحركة ومؤسسها حاصل على عضوية مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين حسب مصادر أخرى. ويبدو أن النموذج التركي قد أغرى راشد الغنوشي بعد أن أغرى نموذج كمال أتاتورك الحبيب بورقيبة في فترة أولى بعد استقلال تونس. ولعل النجاح الذي عرفه ذاك النموذج والنجاحات الاقتصادية التي حققها هي التي قد تكون النموذج المفضل لحركة النهضة خلال السنوات القادمة.
راشد الغنوشي وبعد رجوعه إلى تونس بداية سنة 2011 بعد أيام قلائل من الإطاحة بنظام بن علي، صرح لوسائل الإعلام قائلا «اليوم لم يعد الناس يخافون منّا، الحركة الآن تشهد إقبالا من كلّ الفئات وسنفتح قريبا باب العضوية وتقديراتنا أنّه سيكون لنا مليون عضو، كلّ طبقات المجتمع مقبلة علينا فلماذا نحتاج إلى تمويل من الخارج».
عاد راشد الغنوشي إلى تونس بعد أكثر من 22 عاما من اللجوء السياسي ببريطانيا، واستقبله بمطار تونس قرطاج الدولي أكثر من 20 ألفا من أنصار حركة النهضة. وأكد الغنوشي منذ عودته، على عدم نيّته الترشح لأي منصب سياسي، وأنه سيغادر رئاسة حركة النهضة في أول مؤتمر تعقده الحركة بعد الإطاحة بنظام بن علي. ولعل النتائج المحققة في انتخابات المجلس التأسيسي التونسي تؤكد الإطاحة بمعظم خصومه السياسيين سواء منهم الذين دافعوا عن الحركة الإسلامية خلال محنتها أو الذين أعملوا فيها خناجرهم. وكل الملاحظين يؤكدون على الدور الحيوي الذي لعبه راشد الغنوشي لإعادة النفس الديني إلى البيوت التونسية بعد عقود من عمليات التغريب والتغافل عن مسألة الهوية في المجتمع التونسي.
ومن الواضح أن حركة النهضة تعيش بدورها حراكا سياسيا كبيرا تترجمه العلاقات المتنافسة بين التيار الذي حوكم وقضى سنوات في السجون التونسية وبين التيار الذي انتظر خارج البلاد وعاد ليجني الثمار بعد الثورة. راشد الغنوشي يمثل اليوم رجل وفاق بين مختلف التيارات السياسية حتى وإن عبر البعض من القيادات الجديدة عن نيته التخلص من القيادات «القديمة» لكن السؤال الآن يبقى حاضرا: هل يغادر الغنوشي البيت قبل أن يقرر البعض بداية تنظيفه، أم يبقى داخله، مواصلا إصلاحاته.. وأفكاره التي أوصلت الحزب إلى دفة الحكم.
دويتشة فيلة -أخبار | 28.10.2011
http://www.dw-world.de/dw/article/9799/0,,15493584,00.html الرابـــــطسيدي بوزيد تهدد بـ"ثورة جديدة" والغنوشي يقول إن "تونس للجميع"
اندلعت
أعمال عنف بعدد من مدن محافظة سيدي بوزيد في وسط تونس ليل الخميس/ الجمعة
في أعقاب إسقاط الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ست قوائم انتخابية
تابعة لـ"تيار العريضة الشعبية للعدالة والحرية والتنمية" المستقلة، التي
يقودها هاشمي الحامدي، الذي ينحدر من مدينة سيدي بوزيد ومقيم في لندن، بسبب
ارتكابها خروقاً للقانون الانتخابي.
ونقلت
وكالة الأنباء الألمانية عن شاهد العيان عبد الستار كدوسي، المقيم في
مدينة سيدي بوزيد، أن نحو ألف شاب أحرقوا مقر البلدية والمعتمدية والمحكمة
ومحلات تجارية ومقر حزب حركة النهضة الإسلامية وسيارة ورشقوا رجال أمن
كانوا أمام مقر مديرية الأمن بالحجارة. وقال الناشط السياسي إن حوالي 1500
شاب أحرقوا قطاراً وقطعوا طريقاً رئيسية.
وأضاف
أن المحتجين رددوا شعارات معادية لحمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة
الإسلامية، الذي أعلن رفض حركته تتعامل أو تتحالف مع قائمة "تيار العريضة"،
وصفوه فيها بـ"الرجعي" داعين إلى "الثورة من جديد". من جانبه أعلن
الحامدي، الذي يملك قناة "المستقلة" انسحابه من المجلس الوطني التأسيسي
احتجاجاً على إسقاط اللوائح الانتخابية الست التابعة لـ"تيار العريضة"،
التي يتهمها معارضون بأنها امتداد لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي (الحاكم
في عهد الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي) والذي وقع حله بأمر
قضائي في آذار/ مارس الماضي.
|
||||||||
| ||||||||
حين
قاد مئات التونسيين سياراتهم هذا الاسبوع في شوارع العاصمة وأطلقوا نفيرها
ملوحين بالاوشحة احتفالا بانتصار حركة النهضة الاسلامية في الانتخابات لم
يكن هناك الكثير من الابتهاج في حي النصر.
ويمثل هذا الحي بمتاجره الانيقة ومقاهيه الفاخرة معقلا لقطاع من المجتمع التونسي يشعر بالتهميش بل ويخشى نتيجة الانتخابات قليلا.
ويعيش في المناطق المشابهة لحي النصر افراد من الطبقة المتوسطة ونساء عاملات انتهجن نمطا للحياة اقرب لاوروبا منه للعالم العربي.
والآن يشعرن بالقلق من ان يتغير كل هذا.
وفي الانتخابات التي جرت يوم الاحد في
تونس مهد انتفاضات «الربيع العربي» حصلت حركة النهضة الاسلامية المعتدلة
على النصيب الاكبر من الاصوات بعد ان كانت محظورة على مدى عقود من الحكم
العلماني الشمولي.
وقالت ريم (25 عاما) وهي طبيبة تحت
التمرين كانت تجلس في مطعم للوجبات السريعة في حي النصر «نخشى ان يحدوا من
حرياتنا، يقولون انهم لن يفعلوا هذا لكن من الممكن ان يجروا التغييرات بعد
فترة خطوة بخطوة، ربما يعود تعدد الزوجات، يقولون انهم يريدون ان يكونوا
مثل تركيا لكن قد نصبح مثل ايران، لا تنسوا فهذا كان مجتمعا منفتحا جدا
ايضا».
ولا تمثل هذه الفئة السواد الاعظم من النساء في المجتمع التونسي.
وليست اغلبية النساء في هذه المستعمرة
الفرنسية السابقة على نفس المستوى المادي الميسور وهن محافظات يرتدين
الحجاب وعلى عكس النساء الارقى اجتماعيا يفضلن الحديث بالعربية على
الفرنسية.
لكن النساء العلمانيات اللاتي ينتمين
للطبقة المتوسطة يقمن بدور هام في رخاء تونس لان هذه الطبقة توفر تقليديا
المحاميات والمصرفيات ومسؤولي التسويق والعقول المبدعة.
ولا يثق الكثير منهن في تطمينات زعيم
حركة النهضة راشد الغنوشي، ويقول الغنوشي انه سيستلهم نموذج حزب العدالة
والتنمية الحاكم المعتدل في تركيا ولن يفرض المبادئ الاسلامية على احد
وسيحترم حقوق المرأة.
النشرة الإلكترونية اللبنانية:مراد: النسبية في تونس يجب ان تكون درسا لنا في لبنانالرابط: http://www.elnashra.com/news/show/399827/%D9%85%D8%B1
الجمعة 28 تشرين الأول 2011، آخر تحديث 11:02
اشار رئيس حزب "الاتحاد" عبدالرحيم مراد في حديث الى قناة "المنار" الى ان
"التخوف من اي ضغوط خارجية علينا من اجل عدم تمويل المحكمة اسهل بكثير من
الضغوط الداخلية"، داعيا "لتجنيب البلد اي خضة داخلية"...واشار الى ان "النسبية في تونس فتحت المجال لتمثيل الجميع في تونس وعدم احتكار حزب "النهضة" للتمثيل"، معتبرا ان "النسبية في تونس يجب ان تكون درسا لنا في لبنان".
|
Spiegel : انتصار حزب النهضة … لماذا صوَّت التونسيون للإسلاميين؟
الجريدة الكويتية
2011 الإثنين 31 أكتوبر
![]() |
راشد الغنوشي |
بعد الانتكاسة الكبرى التي واجهتها النخبة التونسية، يبدو أن حزب النهضة الإسلامي يستعد لقيادة أول حكومة منتخبة ديمقراطياً في البلاد. ويبدو أن الإسلاميين كسبوا تأييد عامة الشعب الذي كان يبحث عن مصداقية أكبر في عالم السياسة. لكن تبقى المخاوف من أن تتحول تونس إلى نظام ديني جديد مبالغاً فيها، لأن الإسلاميين التونسيين يتطلعون إلى تركيا كنموذج يُحتذى به.
سُجّل فوز الإسلاميين المعتدلين في حزب النهضة هذا الأسبوع في أول انتخابات حرة تشهدها تونس على الإطلاق. لم يُعرَف عدد الأصوات التي حصلوا عليها بالتحديد حتى الآن، لكن تشير جميع التقارير الصادرة عن الدوائر الانتخابية المختلفة إلى أنهم سيحصلون على 40 في المئة تقريباً من المقاعد في التجمع الدستوري الجديد. يشعر كثيرون في الغرب بالارتباك والقلق بسبب هذه النتائج. فهم يتذكرون مشهد الشباب الذين احتفلوا في شوارع تونس بالحرية التي اكتسبوها بعد إسقاط الحاكم التونسي الديكتاتوري في شهر يناير. لكن هل فاز الإسلاميون الآن؟ كيف يُعقَل أن يصوّت الناس، في أول استحقاق انتخابي حر، لمصلحة أحزاب دينية؟ حتى أن صحيفة “بيلد” الألمانية ذهبت إلى حد طرح السؤال الآتي: “هل نستطيع أن نقصد تونس لقضاء العطلة بعد اليوم؟”.
يسهل الربط بين أنباء فوز الإسلاميين في تونس وأنباء إعادة السماح بتعدد الزوجات في ليبيا. لكن الاختلاف بين البلدين شاسع. في المقام الأول، لا تُعتبر نتائج الانتخابات التونسية مفاجئة بأي شكل، ولا شيء يدعو إلى الهلع أصلاً.
قبل كل شيء، ما حصل هو انتصار للديمقراطية. أُجريت انتخابات يوم الأحد قبل الماضي من دون تسجيل أي مشكلة، وقد كانت منظمة وحرة وعادلة بشكل متكامل، وهذا ما أكده جميع المراقبين الدوليين. وشارك في الانتخابات أكثر من 50 في المئة من الناخبين المؤهلين. إنها أنباء سارة في بلدٍ يشهد أول انتخابات ديمقراطية على الإطلاق. فضلاً عن ذلك، صوتت نسبة كبيرة من الشعب لمصلحة أحزاب لها ميول دينية.
إسلاميّو تونس معتدلون
من غير المتوقع أن تصبح تونس نظاماً دينياً مشابهاً للنظام الإيراني. فمن المعروف أن أغلبية الإسلاميين في حزب النهضة هم من المعتدلين. لطالما شدد زعيم الإسلاميين راشد الغنوشي على أن حزبه يدعم المساواة بين الجنسين، وفق ما ينص عليه الدستور القديم، وقد أعلن أن حزبه لن يُجبِر النساء على ارتداء الحجاب. وأضاف أن الحزب لا ينوي تشريع تعدد الزوجات مجدداً أو فرض عقوبات متطرفة. يحب الغنوشي المقارنة بين مواقف حزب النهضة ومواقف الإسلاميين المعتدلين في حزب العدالة والتنمية الذي يحكم تركيا.
لا شك في أن حزب النهضة هو حركة واسعة تشمل فصائل متحفظة أكثر من قيادة الحزب الراهنة. لكن لم يدعم معظم الناخبين حزب النهضة بسبب ميلهم إلى نشوء نظام ديني متشدد. بل إنهم اقتنعوا بمصداقية الحزب وتأثروا بقربه من عامة الشعب. غداة استقلال تونس عن فرنسا في عام 1956، خضع البلد لقيادة نخبة فرانكوفونية تتبع النموذج الغربي بعد حقبة الاستعمار. لم يكن مؤسس البلد الحبيب بورقيبة يلتزم بالتعاليم الدينية، فكان يسخر من ارتداء الحجاب مثلاً. وفي شهر رمضان، كان يظهر عمداً على التلفزيون وهو يشرب عصير البرتقال في فترات الصوم. لكن في عهد بورقيبة، لم تكن تونس نظاماً ديمقراطياً بأي شكل. وفي عهد خلفه زين العابدين بن علي، أصبح البلد نظاماً ديكتاتورياً.
النظام اضطهد الإسلاميين
طوال عقود، كان النظام يضطهد الإسلاميين، فكان يحتجز مناصريهم في السجون ويعذبهم بطريقة وحشية، لذا أُجبر الكثيرون على الهرب من البلد، وكان من بينهم زعيم الإسلاميين الغنوشي الذي أقام في لندن طوال 20 عاماً، وعاد إلى وطنه في شهر يناير الماضي. أرادت القوى الحاكمة أن يلعب الإسلام دوراً ثانوياً في المجتمع، وكان الوضع كذلك. قبل وقوع الثورة، نادراً ما كنا نشاهد نساء محجبات في شوارع تونس، وكان عدد النساء العاملات مرتفعاً، أقله في العاصمة. ظاهرياً، كان البلد يتمتع إذن بنفحة غربية، لكن في العمق كان الواقع مختلفاً.
لطالما كان الانقسام الثقافي والاجتماعي في هذا البلد كبيراً وقد اتسع نطاقه في السنوات الأخيرة. من جهة، نجد النخبة التونسية الثرية في العاصمة تونس، وقد تلقّى معظم أعضاء هذه الفئة تعليمهم في فرنسا وكانوا يحاولون تقليد أسلوب الحياة الفرنسية، حتى أنهم يفضلون أحياناً التحدث باللغة الفرنسية بدلاً من اللغة العربية.
من جهة أخرى، نجد السكان المحافظين في معظمهم ضمن الضواحي الفقيرة للعاصمة وفي المناطق التونسية الداخلية. لم تكن نخبة المجتمع هي التي أطلقت الثورة وأسقطت بن علي، بل كانت الثورة من صنع الشبّان المنتمين إلى أفقر مناطق البلد، وذلك بدافعٍ من البطالة واليأس. كانت هذه الجماعة بالذات هي التي حاربت الشرطة طوال أسابيع، وكان معظم الضحايا الذين سقطوا في المواجهات ينتمون إلى هذه الفئة أيضاً.
«النهضة» يدعم الاقتصاد
لقد صوتت شريحة واسعة من الناس لمصلحة حزب النهضة. من وجهة نظرهم، يجسد هذا الحزب كل ما كان الحكام السابقون يفتقرون إليه، إذ يُعتبر أعضاؤه موثوقين ومستقيمين وغير فاسدين، ويركز الحزب أيضاً على القضايا الاجتماعية. كان بن علي يضطهدهم، وكانوا أشبه بالدخلاء على الحياة العامة، ولم يستفيدوا من النظام القديم بأي شكل- لكن لا يمكن قول الأمر نفسه عن معظم السياسيين الآخرين. كذلك، طرح حزب النهضة مشروع تحقيق الازدهار الاقتصادي وفق النموذج التركي في حملته الانتخابية ونجح في إظهار نفسه بصورة الحزب الذي سيحافظ على هوية تونس “العربية المسلمة”.
يشكل نجاح حزب النهضة أيضاً ضربة قاسية في وجه النخبة التونسية التي تميل إلى أسلوب الحياة الغربية، وقد حققت الأحزاب العلمانية واليسارية الليبرالية التي تنتمي إلى تلك النخبة نتائج متواضعة، لا بل كارثية، في بعض الحالات. فهي لم تتمكن من التواصل مع سكان الريف البسطاء، بينما حقق حزب النهضة فوزاً ساحقاً ضمن هذه الفئة من الناخبين. استطاع حزب النهضة التواصل مع هؤلاء الناس، لأنه يتمتع بدرجة عالية من التنظيم ونسبة أكبر من التمويل مقارنةً بالأحزاب الأخرى. يتوزع عشرات آلاف الأعضاء المنتمين إلى الحزب في أنحاء البلد وقد خاضوا حملة انتخابية مكثفة، وكانت هذه الحملة الوحيدة التي نجحت في دفع الناخبين إلى المشاركة في الاقتراع. ربما لم يكن مرشحو أحزاب النخبة على علاقة ببن علي، ولكنهم كانوا بنظر الناخبين يمثّلون النظام القديم. على الأقل هكذا كان رأي السياسي أحمد نجيب الشابي، وهو رجل حليق يرتدي البذلات الرسمية ويجيد اللغة الفرنسية. في السنوات الأخيرة، أعلن نفسه خصماً لبن علي، واعتبر نفسه خلال حملته الانتخابية أبرز مرشح منافِس لحزب النهضة إلى جانب حزبه الديمقراطي التقدمي اليساري الليبرالي. لكن على رغم ارتفاع التوقعات الإيجابية، كسب حزبه عدداً قليلاً من المقاعد.
بروز ظاهرة التحجب
لا يشعر الناس بالقلق من فوز الإسلاميين في أوروبا فحسب بل تسلل القلق أيضاً إلى نفوس مناصري السياسة العلمانية وحقوق المرأة في تونس. فقد تأكد الآن أن الإسلام سيكون له وقع مهم في تونس مستقبلاً. منذ الثورة، أصبح مشهد النساء المحجبات أو الرجال الملتحين أكثر شيوعاً. كذلك، نُشرت تقارير عن أئمة طُردوا من المساجد لأنهم اعتُبروا ليبراليين أكثر من اللزوم. قبل أسبوع من الانتخابات، أدى بث فيلم الكرتون “برسيبوليس” (Persepolis)، الذي يضم تجسيداً لصورة الله بما يعارض التعاليم الإسلامية التي تمنع تصويره، إلى انطلاق احتجاجات عنيفة.
لكن لطالما كانت تونس واحدة من أبرز الدول المسلمة الليبرالية. صحيح أن معظم شعبها محافظ بطبيعته، ولكنه لا يُعتبر متديناً بطريقة متطرفة بل إنه متأثر بالأفكار الأوروبية. يعتمد هذا البلد أيضاً على السياحة والاستثمارات الخارجية ولن يرغب الإسلاميون حتماً في إبعاد السياح والمستثمرين، كما أنهم لا يستطيعون تحمل كلفة ذلك.
لن يتمكن حزب النهضة من حكم البلد وحده. فلم يصوّت معظم التونسيين لمصلحة الحزب، لذا سيسعى على الأرجح إلى البحث عن شركاء له في صفوف الأحزاب العلمانية من أجل تشكيل حكومة ائتلافية. سبق أن بدأ قادة النهضة بعقد المحادثات الأولية، وذلك قبل إعلان نتائج الانتخابات النهائية. كما عمدوا إلى تسمية الأمين العام حمادي الجبالي كمرشح لرئاسة الحكومة، ولكنهم أعلنوا أنهم لن يسمّوا مرشحاً لرئاسة البلاد.
أشار متحدث باسم حزب النهضة إلى أن الحزب سيسعى إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. ستكون هذه الخطوة بمنزلة رمز للمصالحة وضمانة للاستقرار الذي تحتاج إليه تونس بشدة الآن. يجب أن يتخذ السياسيون خطوات جذرية لتحفيز الاقتصاد المتدهور ويجب أن يتفقوا على لغة الدستور. لا شك في أن الطريق سيكون شائكاً. تختلف الآراء السياسية في هذا البلد وسيصعب الدمج بين رغبة الإسلاميين في العودة إلى الجذور العربية والإسلامية من جهة والقيم الغربية التي تتبناها الطبقات الليبرالية الفرنكوفونية من جهة أخرى. لكن إجراء الانتخابات من دون مشاكل يُعتبر مؤشراً واعداً على أن تونس قد تكون مستعدة للاستحقاق الديمقراطي الذي تحتاج إليه. وفق الخطة الراهنة، يجب أن يستكمل التجمع الدستوري عمله خلال سنة، إذ ستُعقد انتخابات جديدة بعد انقضاء هذه الفترة. في تلك المرحلة، ستحصل جميع الأحزاب الأخرى على فرصة جديدة.
http://www.elaph.com/Web/NewsPapers/2011/10/692777.html?entry=newspapersnewsandreports
دروس تونسية للإسلاميين والعلمانيين في مصر

فراج إسماعيل/ العربية نت
في الكرة يضع المدرب جزءا كبيرا من خطته من خلال مشاهدته مباراة سابقة لمنافسه يعرف من خلالها نقاط قوته وضعفه.في السياسة تشابه كبير مع الكرة. كلاهما يلعب وكلاهما يفوز ويخسر من خلال اكتشاف الآخر.
تونس قدمت لمصر سابقتها في إشعال الثورة فأوقدت في الشعب الجرأة والتصميم والصبر ومنحته دروسا في مقاومة القنابل المسيلة للدموع والصمود أمام زخات الرصاص، لدرجة أن القوم لجأوا في النهاية إلى استخدام الجمال والبغال والحمير بعد أن فقدوا صبرهم في اخماد ميدان التحرير!
وها هي تونس تقدم لمصر دروسا أخرى. هذه المرة ليست في الشارع أو الميادين وإنما في صناديق الانتخابات وحملات المتنافسين السياسية.
ولأن الإسلاميبن والعلمانيبن
المتصادمبن في مصر منذ رحيل مبارك أحوج إلى تلك الدروس ليستفيدوا منها في
معركتهم الانتخابية التي لم يبق عليها إلا أقل من شهر، فإننا نقدم لهم هذه
الدرر من انتخابات المجلس الوطني التأسيسي.
فحزب حركة النهضة استقبل فوزه بالمركز الأول بنحو 90 من 217 مقعدا، متعهداً بالعمل على إقامة مجتمع تعددي وعلماني واحترام حقوق الإنسان.
تعهد مثير للجدل لأن "العلمانية" مصطلح سيئ السمعة في عالمنا العربي بسبب صورتها النمطية عندنا، لكنه منطقي إذا علمنا تأثر راشد الغنوشي وحزبه في المرحلة الأخيرة بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وبطريقته في إدارة شئون الحكم، فالغنوشي ليس تاريخا واحدا ثابتا، بل تطور مستمر واجتهاد حياتي لا يتوقف ولكن لا تخرج عجلته عن صحيح الإسلام.
فالعلمانية عند أردوغان وعند الغنوشي هي ما يسميه الإسلاميون والليبراليون في مصر الدولة "المدنية" تخفيفا من وطأة المصطلح السيئ. أي تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات دون تفرقة دينية أو طائفية أو سياسية أو عرقية.
سيسأل البعض: ما حاجة الغنوشي وحزب النهضة في ذروة انتصار انتخابي حصده بسبب توجهاته الإسلامية إلى التعهد بالعلمانية، فحزبه يتهيأ لتشكيل الحكومة وسيكون مؤثرا في صياغة الدستور الجديد، أي أن معظم أوراق اللعبة في يده؟!
الاعتماد على ذلك فقط قد يأتي بعواقب وخيمة على مستقبل الديمقراطية التونسية وربما تنسحب إلى المصرية أيضا، لأنها ستعني فقد الثقة في قدرة التيار الإسلامي على الوفاء بمتطلبات المجتمعات الديمقراطية، ويعزز المخاوف بأنه قد يرتد عن برنامجه الانتخابي الذي ربح على أساسه.
لذلك جاءت تصريحات حزب النهضة ذكية للغاية وتنم عن تمرس سياسي، خصوصا أن التنظيمات العلمانية في تونس ظاهرة ومؤثرة وترتبط بسلة قوانين نافذة، وأي تهديدات لتلك القوانين بالحذف أو التعديل ستجعل المجتمع على صفيح ساخن، وتؤدي إلى الانقضاض على "النهضة" في حالة صدور تصريحات غير منضبطة.
أما الدرس البليغ من تونس للعلمانيين في مصر فعنوانه: "لا تحول معركتك إلى صراع ضد الإسلام لأنك تجعل نفسك خصما للشعوب".
وبهذا العنوان العريض حل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية "العلماني" الذي يتزعمه منصف المرزوقي في المركز الثاني بثلاثين مقعدا.
لقد وجه منصف المرزوقي وغيره من العلمانيين في تونس رسائل غير مباشرة إلى الأحزاب الليبرالية (العلمانية) في مصر تقول بايجاز: لن تربح إذا جعلت هدفك الغاء الإسلام في بلد شديد التعلق بهويته الإسلامية والعربية.
لهذا السبب عاقب الناخبون التونسيون أحزابا علمانية حولت صراعها السياسي إلى صراع ضد الدين، فيما أيدت أخرى تجنبت ما قد يبدو أنه حرب ضد الإسلاميين.
ربع الأصوات ذهبت لحزبين علمانيين.. هما حزب المرزوقي، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" لأنهما تجنبا الدخول في أي معارك مع الإسلاميين، بينما انهار فجأة الحزب الديمقراطي التقدمي لأنه اتهم حزب النهضة بدعم أجندة دينية خفية.
يقول المرزوقي "ندين بنجاحنا لحقيقة أننا لن نحارب الإسلاميين، فنحن لا نريد حربا أيديولوجية بينهم وبين العلمانيين. رسالتنا إلى الإسلاميين كانت: نحن مع الإسلام كدين للدولة".
http://www.alarabiya.net/views/2011/10/31/174657.html
فحزب حركة النهضة استقبل فوزه بالمركز الأول بنحو 90 من 217 مقعدا، متعهداً بالعمل على إقامة مجتمع تعددي وعلماني واحترام حقوق الإنسان.
تعهد مثير للجدل لأن "العلمانية" مصطلح سيئ السمعة في عالمنا العربي بسبب صورتها النمطية عندنا، لكنه منطقي إذا علمنا تأثر راشد الغنوشي وحزبه في المرحلة الأخيرة بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا وبطريقته في إدارة شئون الحكم، فالغنوشي ليس تاريخا واحدا ثابتا، بل تطور مستمر واجتهاد حياتي لا يتوقف ولكن لا تخرج عجلته عن صحيح الإسلام.
فالعلمانية عند أردوغان وعند الغنوشي هي ما يسميه الإسلاميون والليبراليون في مصر الدولة "المدنية" تخفيفا من وطأة المصطلح السيئ. أي تساوي جميع المواطنين في الحقوق والواجبات دون تفرقة دينية أو طائفية أو سياسية أو عرقية.
سيسأل البعض: ما حاجة الغنوشي وحزب النهضة في ذروة انتصار انتخابي حصده بسبب توجهاته الإسلامية إلى التعهد بالعلمانية، فحزبه يتهيأ لتشكيل الحكومة وسيكون مؤثرا في صياغة الدستور الجديد، أي أن معظم أوراق اللعبة في يده؟!
الاعتماد على ذلك فقط قد يأتي بعواقب وخيمة على مستقبل الديمقراطية التونسية وربما تنسحب إلى المصرية أيضا، لأنها ستعني فقد الثقة في قدرة التيار الإسلامي على الوفاء بمتطلبات المجتمعات الديمقراطية، ويعزز المخاوف بأنه قد يرتد عن برنامجه الانتخابي الذي ربح على أساسه.
لذلك جاءت تصريحات حزب النهضة ذكية للغاية وتنم عن تمرس سياسي، خصوصا أن التنظيمات العلمانية في تونس ظاهرة ومؤثرة وترتبط بسلة قوانين نافذة، وأي تهديدات لتلك القوانين بالحذف أو التعديل ستجعل المجتمع على صفيح ساخن، وتؤدي إلى الانقضاض على "النهضة" في حالة صدور تصريحات غير منضبطة.
أما الدرس البليغ من تونس للعلمانيين في مصر فعنوانه: "لا تحول معركتك إلى صراع ضد الإسلام لأنك تجعل نفسك خصما للشعوب".
وبهذا العنوان العريض حل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية "العلماني" الذي يتزعمه منصف المرزوقي في المركز الثاني بثلاثين مقعدا.
لقد وجه منصف المرزوقي وغيره من العلمانيين في تونس رسائل غير مباشرة إلى الأحزاب الليبرالية (العلمانية) في مصر تقول بايجاز: لن تربح إذا جعلت هدفك الغاء الإسلام في بلد شديد التعلق بهويته الإسلامية والعربية.
لهذا السبب عاقب الناخبون التونسيون أحزابا علمانية حولت صراعها السياسي إلى صراع ضد الدين، فيما أيدت أخرى تجنبت ما قد يبدو أنه حرب ضد الإسلاميين.
ربع الأصوات ذهبت لحزبين علمانيين.. هما حزب المرزوقي، و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" لأنهما تجنبا الدخول في أي معارك مع الإسلاميين، بينما انهار فجأة الحزب الديمقراطي التقدمي لأنه اتهم حزب النهضة بدعم أجندة دينية خفية.
يقول المرزوقي "ندين بنجاحنا لحقيقة أننا لن نحارب الإسلاميين، فنحن لا نريد حربا أيديولوجية بينهم وبين العلمانيين. رسالتنا إلى الإسلاميين كانت: نحن مع الإسلام كدين للدولة".
http://www.alarabiya.net/views/2011/10/31/174657.html
نقلا عن "الجمهورية" المصرية

/////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////////

هل تقدم «نهضة» تونس التجربة - النموذج؟
الإثنين, 31 أكتوبر 2011
مع بداية إعلان النتائج الأولى غير الرسمية، بدت حركة «النهضة» متعجلة. سارعت إلى فتح باب المشاورات مع باقي الكتل التي يمكن أن تشارك معها في الحكومة المقبلة. كان عليها أن تنتظر قليلاً، خصوصاً أنها منذ نجاح الثورة وبدء الإعداد للانتخابات لم تغادر موقفها الدفاعي. فمعظم القوى والأحزاب الليبرالية والقومية واليسارية خاض الاستحقاق في ظل مشروع عنوانه العريض محاربة «النهضة».
كــــان يمكن هـــذه القوى ربما أن تحصـــــد عدداً أكبر من مقاعد المجلس التأسيسي لو أنها انتظمت في ائتلاف عريض. أو لو قدمت، على الأقل، عنواناً آخر لمشروعها يتناول مستقبل البلاد وهويتها السياسية. ويتصدى للمشاكل الكثيرة، ويقترح الحلول المرجوة في القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وخلافها... لذلك بدا أن هذه القوى منقسمة اليوم: قسم يحاور الحركة استعداداً للمشاركة في المرحلة المقبلة، وقسم يصد أمامها باب التعاون.
حرصت «النهضة» على التأكيد، منذ اليوم الأول على إطاحة نظام الرئيس بن علي، أنها تستلهم النموذج التركي في الحكم. ليس لتونس وحدها بل للعالم العربي. أي إقامة دولة تتآلف فيها القيم الإسلامية مع القيم الديموقراطية المعاصرة، كما صرح زعيم الحركة راشد الغنوشي. وظلت ولا تزال تتمسك إلى اليوم بهذا الخطاب الذي شكل عماد خطها الدفاعي في مواجهة خصومها الذين حذروا من مجيء الإسلاميين إلى الحكم لتقويض كل المكتسبات الحداثية وحقوق المرأة التي بدأ بناؤها من أيام الحبيب بورقيبة إلى يوم رحيل بن علي. تجدد الحركة كل يوم حرصها على قيادة حكومة وفاق مع كل الأطراف. ووجهت أكثر من رسالة طمأنة إلى الداخل والخارج بخصوص هوية البلد، أو بالأحرى هوية النظام: ستعتمد اقتصاد السوق، وتداول السلطة عبر صناديق الانتخاب.
إلا أن بعض خصوم «النهضة» يلمحون إلى أن براغماتيتها لا تخفي حقيقة أن في صفوفها تياراً شبابياً أكثر راديكالية من شيوخها الذين علمتهم تجارب النفي والسجن الطويلين أن يكونوا أكثر واقعية. فهل يكون لهؤلاء خطاب آخر مختلف في المساجد والمنتديات الحزبية الضيقة؟ وهل المعلن من مواقف الاعتدال المفرط موجه للاستهلاك الخارجي فحسب؟
أياً يكن خطاب «النهضة» فإن تجربتها لا يمكن أن تكون على غرار تجربة «طالبان» في أفغانستان. ولن تكون على مثال تجربة «جبهة الإنقاذ» في الجزائر المجاورة، أو تجربة السودان. وسواء اعتمدت خطابين أو ثلاثة، فإنها لن تستطيع القفز فوق حقائق تاريخية راسخة طبعت المجتمع التونسي على رغم الاستبداد الذي عاناه. إنه مجتمع متقدم يزخر بأعداد وافرة من الخريجين وحملة الشهادات الجامعية. مجتمع عرف، في ظل الاستبداد، تيارات إسلامية وليبرالية ويسارية، وهيئات مدينية ونقابية لم يستطع تطويعها بالكامل. وتبنى قانوناً عصرياً للأحوال الشخصية وضع المرأة التونسية على قدم المساواة مع الرجل. وقدم «معجزة اقتصادية» على رغم المواجهة التي قادها النظام البائد لضرب هذه القوى الحية والفاعلة. وشهد حركة تحديث، من أيام الحبيب بورقيبة، تنامت مــــع ربط اقتصاد البلاد باقتصادات أوروبا، خصوصاً في قطاعي السياحة والصناعات الخفيفة التي كانت تساهم برقم معتبر في الناتج الوطني، وتوفر آلاف الوظائف ليد عاملة رخيصة لآلة الصناعة الأوروبية.
هل تتعـــامى «النهضة» عن هذه الحقائق فتتجــــاهــل مكامن القوة السياسية والفكرية والثقافيـــة المتنوعة في المجتمع التونسي؟ وهــــل تجازف بتوجيه ضربة إلى اقتصاد البــــلاد؟ يدرك شيوخ «النهضة» جيداً أن ثمة تحديـــات داخلية كبيرة: المشاكل الاقتصادية والاجتماعية الجمة التي فاقمها الركود الاقتصادي الدولي. والبطالة الواسعة التي كانت من أسباب الانفجار الشبابي في تونس. هذا من دون الحديث عن التأثيرات العابرة للحدود، من مصـــر التــــي تستعد لاستحقاقها الانتخابي وسط صـــــراع أيديولوجي صاخب بين الإسلاميين والليبراليين، ووسط توتر طائفي، وخوف مقيم من عودة تسلل فلول النظام البائد وحزبه الوطني، وريبة من المجـــلس العسكري. إلى ليبيا التي تتلمس طريقــــاً مليئاً بالألغام والتعقيدات. فالجزائر المقيمة على قلق من رياح التغيير.
وسط هذا الكم من التحديات الداخلية والخارجية، هل يستطيع الغنوشي ورجال يخوضون للمرة الأولى تجربة الحكم من موقع السلطة الأول، احترام تعهداتهم بالحفاظ على الطابع المدني للدولة والذهاب بعيداً في تقليد النموذج التركي... أم أن نتائج الحراك في غير بلد عربي ستترك آثارها على هذه الثمرة الأولى من ثمار الربيع العربي؟
إن نجاح الانتخابات في تونس لن يكون معزولاً عن مستقبل الحراك الإسلامي في الانتخابات المصرية حيث الصراع مفتوح على مصراعيه. ولن يكون معزولاً عن توجهات الإسلاميين في ليبيا. فالمجتمع هنا أكثر محافظة من جاره التونسي. كما أن مسيرة «الحرب» على نظام القذافي رسخت دوراً كبيراً للمقاتلين في صفوف الإسلاميين، سواء كانوا من صفوف «الإخوان» أو من صفوف «الجماعة المقاتلة» بقيادة عبد الكريم بلحاج الذي قاد حملة «تحرير» طرابلس. إضافة إلى أن الصراع على السلطة في ليبيا فُتح باكراً. وطغت عليه الصبغة الإيديولوجية أكثر مما طبعته الجهوية. وبدا واضحاً منذ الهجوم على رأس السلطة التنفيذية الموقتة محمود جبريل أن الإسلاميين بالمرصاد، ويودون صرف رصيدهم الذي راكموه طوال أشهر القتال ضد «كتائب القذافي». هذا من دون الإشارة إلى ما بثه «خطاب التحرير» لمصطفى عبد الجليل من إشارات وما أيقظ من «شياطين»!
إن نجاح الثورة في إطاحة القذافي وتحرير ليبيا، يمنح الربيع العربي مزيداً من الثقة والأمل والمثابرة والصبر. ومثله إن نجاح التجربة الديموقراطية الأولى في تونس سيترك أثره في الحراك العربي. سيقدم نموذجاً إلى المصريين. مثلما سيقدم نموذجاً ضاغطاً على سورية واليمن حيث لا يزال الحراك يواجه مقاومة شرسة. فهل يستطيع هذان البلدان، بعد اليوم أن يقارنا «فضائل وقيم» قيادة الفرد الواحد والحزب الرائد بما يحققه التونسيون الذين توجه أكثر من تسعين في المئة منهم إلى الانتخابات في ما يشبه جموعاً ضربها العطش لنصف قرن؟ هل يستقيم القول إن التجربة التونسية ليست سوى حلقة في مشروع أميركي يقف وراء الحراك العربي كله، وإن كان الأميركيون والأوروبيون يجهدون لتأمين مصالحهم، وهذا من أبسط واجبات الدول؟ ألا يرى التونسيون إلى تجربتهم تعبيراً جامحاً عن الرغبة في التغيير واستعادة قيم الحرية والكرامة والعدالة والمساواة؟ ألا يقدم التونسيون مثالاً يقوض كل نظريات أولئك الذين يكيلون بمكيالين في تعاملهم مع الربيع العربي هنا وهناك؟
التجربة التونسية تدعو إلى التبصر بمآل الحراك العربي. ولا مبالغة في القول إن الأمر يتعلق بمستقبل اللعبة السياسية في هذا البلد. ولا شك في أن صدقية «النهضة» في هذا المجال على المحك. فإما أن تشيع الأمل بإمكان انتقال العالم العربي من عصر الاستبداد إلى عصر أكثر إشراقاً على صعيد الحريات الفردية والتعددية والديموقراطية والعدالة والمساواة وتداول السلطة، مهما طالت الآلام والدماء. وإما أن تقدم مثالاً على إمكان مواجهة قيم العصر بكل تجلياتها من سيطرة التكنولوجيا إلى عولمة حقوق الإنسان والاقتصاد.
إذا نجح النموذج التونسي، هل تبقى ثمة فرص أن يقدم اليمن أو سورية نموذجاً آخر؟ كان يحلو لبعض العواصم العربية وعلى رأسها دمشق، منذ انهيار جدار برلين وولادة الديموقراطيات في أوروبا الشرقية وكثير من بلدان أسيا وأميركا اللاتينية، أن تتماهى مع النموذج الصيني. وأن تتباهى بتجربة بكين وقدرتها على نقل المجتمع واقتصاده إلى أولى المراتب في العالم. كانت تعيب على روسيا سقوطها في الفوضى لاستعجالها التغيير غير المدروس. وهي إلى الآن تتوكأ على هذا النموذج الصيني، مضيفة إليه الشعار المعروف والمكرور بالتخويف من «عصابات» الإسلاميين المتشددين الذين سيكونون بديلاً من الأنظمة القائمة. مثلما تحذر من الفوضى واحتمال انزلاق البلاد إلى حرب أهلية أو التقسيم أو «الأفغنة» على ما صرح الرئيس بشار الأسد قبل يومين.
خطت آسيا ومثلها أميركا اللاتينية وقبلهــما أوروبا الشرقية خطوات على طريق الديموقراطية والليبرالية، وحققت معجزات. وحتى الصين وروسيا بوتين - مدفيديف اللتان تتوكأ عليهما دمشق وغيــــرها اليوم، تقيمان مؤسسات تغلب حكم القانون وتوفر هامشاً من الحريات واحترام حقوق الإنسان. ولا شك في أن نجاح التجربة التونسية وبعدها التجربة المصرية سيفتح الطريق واسعاً أمام التغيير الموعود في طول العالم العربي وعرضه، من العراق إلى موريتانيا... إلا إذا لم يكن أمام سورية واليمن غير النموذج السوداني!
رئيس البرلمان الأوروبي: نجاح ديمقراطية إسلامية أمر ممكن في تونس
- الثلاثاء, 01 نوفمبر 2011 08:00

وبعد ان ذكر بتجربة الديمقراطيات المسيحية في اوروبا اشار بوزيك إلى ان
استلهام التجارب الديمقراطية من القيم الدينية ممكن، بشرط الحفاظ الكلي على
استقلالية الدولة والفصل بين الدين والسياسة.
وشدد رئيس البرلمان الاوروبي خلال ندوة صحفية يوم الاثنين على هامش زيارة
لتونس تستغرق يومين على انه "ليست لدى الاتحاد الاوروبي اية مخاوف من القوة
السياسية الحالية الفائزة في الانتخابات" مؤكدا دعم الاتحاد لنتائج
انتخابات 23 اكتوبر التي قال انها كانت "حرة وشفافة" .
والتقى بوزيك خلال هذه الزيارة عددا من المسؤولين في تونس منهم الوزير
الأول في الحكومة الانتقالية ومحافظ البنك المركزي، كما التقى قادة الأحزاب
الرئيسية الأربعة الفائزة في الانتخابات وبين في هذا الصدد ان قادة هذه
الأحزاب قد اكدوا له الالتزام بضمان الحريات والعمل على تعزيزها وذلك من
خلال تشكيل حكومة ائتلافية مضيفا ان لقاءاته مكنت ايضا من التطرق إلى
المساواة بين الجنسين وحقوق المرأة على وجه الخصوص....
http://www.shorouknews.com/columns/view.aspx?cdate=01112011&id=be300917-7129-415c-ad08-a17c3dbb3771 الشروق
الثلاثاء 1 نوفمبر 2011 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة
الحدث التونسى الذى ترددت أصداؤه فى أنحاء العالم
ينبغى أن تقرأ وقائعه جيدا من جانبنا، خصوصا أنه يبعث إلينا بعدة رسائل
مهمة جديرة بالاستلام والاستيعاب.....
....عديدة هى أوجه التشابه بين الحالتين التونسية والمصرية. فقد عاش كل من البلدين تحت نظام بوليسى اختلف فى الدرجة فقط، حيث كان أكثر شراسة فى تونس لكنه كان أشد مكرا فى مصر، والبلدان خضعا لنظام علمانى كان فجا ومتطرفا فى تونس، لكنه كان خجولا ومتواريا فى مصر. والبلدان حظرا العمل السياسى على التيار الإسلامى، لكنهما أباحا أنشطة الأحزاب الشيوعية. وكان ذلك صريحا ومعلنا فى تونس، لكنه أيضا كان ملتويا وخجولا فى مصر. كل من البلدين استخدم فزاعة الإسلاميين لتسويغ حظرهم وإقناع الدول الغربية بأنهم البديل الذى يهدد مصالحهم. ولكى ينفذ سياساته ويحشد الرأى العام وراءها، فإن كلا من البلدين استعان بعدد كبير من المثقفين العلمانيين والشيوعيين السابقين، ومكنهم من منابر الإعلام والثقافة حتى صاروا جزءا من النظام وأحد أهم ركائز استمراره.
من أوجه التشابه أن الثورة السلمية نجحت فى البلدين، وأن الجماهير هى التى حملتها وقادتها. الجيش فى مصر انحاز إلى الثورة وشكل مجلسا عسكريا لإدارة البلاد، لكنه وقف محايدا فى تونس، وتولى السلطة رئيس مجلس النواب طبقا للدستور. وفى كل من البلدين كان هناك حزب محتكر للسلطة يقوده الرئيس، وأحزاب هامشية حوله تستكمل «الديكور» الديمقراطى، وبعد الثورة حدثت اندفاعة قوية لتشكيل الأحزاب، التى بلغت 115 حزبا فى تونس، واندفاعة مماثلة فى مصر التى أعلن فيها عن تشكيل خمسين حزبا بعد ظهور 120 ائتلافا. ومن المفارقات فى هذا السياق أن السلفيين فى مصر خاضوا غمار المعركة الانتخابية وقرروا إنشاء حزبين يمثلانهما. فى حين أن أقرانهم فى تونس رفضوا المشاركة فى الانتخابات ووزعوا منشورات دعت إلى مقاطعتها قبل 48 ساعة من إجرائها. وللعلم فإن التيار الإسلامى المنخرط فى العمل السياسى ممثل وحيد هو حركة النهضة. أما فى مصر فللتيار الإسلامى سبعة أحزاب.
فى تونس سلكوا بعد الثورة ذات النهج الذى اتبعوه بعد إعلان الاستقلال عام 1956. فقرروا أولا انتخاب جمعية تأسيسية تمثل القوى الحية فى المجتمع، لتتولى تعيين الرئيس وتشكيل الحكومة وإصدار القوانين ووضع الدستور وذلك لكى تتولى سلطة مدنية إدارة البلد فى الفترة الانتقالية لحين إصدار الدستور الجديد. لكننا فى مصر ضيعنا وقتا طويلا فى الجدل أيهما أولا الانتخابات أم الدستور، رغم أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية أيد البدء بالانتخابات، وبسبب الضجة التى أحدثها ذلك الجدل تم تمديد الفترة الانتقالية وظل المجلس العسكرى قابضا على السلطة وليس معروفا على وجه التحديد متى تجرى الانتخابات الرئاسية، ومن ثم متى ستسلم السلطة إلى المدنيين؟.
تجنبوا أى شىء من شأنه أن يشعل حربا مدنية بين العلمانيين والإسلاميين. كانت تلك هى النصيحة الثمينة التى وجهها إلى الليبراليين والوطنيين العرب الدكتور المنصف المزروقى، المناضل المخضرم وزعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وهو الحزب الذى يمثل الاعتدال العلمانى، ويحتفظ بعلاقات إيجابية مع حزب النهضة، ويرشحه المعلقون السياسيون هو والدكتور مصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات، لكى يشكل مع حزب النهضة جبهة قوية فى المجلس التأسيسى والحكومة وقد سمعته أكثر من مرة وهو يدعو إلى إبعاد الأيديولوجيا عن التنافس الانتخابى والإبقاء على ذلك التنافس فى حدود الصراع السياسى وليس العقائدى.
هناك رسائل أخرى مهمة ودروس مستفادة يستخلصها المرء من التجربة الانتخابية التونسية يمكننا اختزالها فى النصائح التالية:
● لا تفقدوا ثقتكم فى المواطنين العاديين. فهم أكثر ذكاء ووعيا مما تشى بهم مظاهرهم البسيطة ورغم الضجيج والطنين الذى يملأ الفضاء من حولهم، فإنهم قادرون على التمييز بين الأصيل والدخيل، وبين الحقيقة والزيف.
● المعتدلون فى كل فصيل علمانى أو إسلامى أو يسارى أقرب إلى بعضهم البعض من المتطرفين فى كل فصيل. وسفينة الوطن لن تواصل الإبحار إلا إذا تواصل المعتدلون فيما بينهم وشكلوا جبهة واحدة.
● الوطن ملك لكل أبنائه وليس بوسع أى فصيل أن يقوده وحده، فضلا عن أنه لا يحق له ذلك أصلا. وللوصول إلى بر الأمان، فلا بديل عن ائتلاف المختلفين الذين يمثلون قوى المجتمع الأساسية.
● لأنه لا خلاف حول الأهداف الوطنية المرحلية، المتمثلة فى الديمقراطية والاستقلال والعدالة الاجتماعية، فإن الاستغراق فى الكلام عن الهويات والأهداف النهائية يفجر الخلاف ويبدد الجهد ويبعثر القوى.
● لا تهملوا شبكات التواصل الاجتماعى، فقد أثبتت جدواها فى اصطفاف الجماهير واحتشادها خصوصا قطاعات الشباب الذى يعول عليهم فى المستقبل.
● الإسلاميون المنشغلون بالعمل السياسى مطالبون بأربعة أشياء هى 1ــ طمأنة الناس وإزالة مخاوفهم 2ــ الانشغال بخدمتهم وليس بوعظهم 3ــ الكف عن الحديث عن مصائر الخلق فى الاخرة وتوزيعهم على الجنة والنار 4ــ احترام الحياة الخاصة للناس التى ينبغى ألا تمس طالما أنها تمارس فى حدود القوانين المطبقة.
● جيد أن نتلقى الدروس. لكن الأجود أن نستوعبها ونتعلم منها.
فهمي الهويدي |
الثلاثاء 1 نوفمبر 2011 - 8:55 ص بتوقيت القاهرة
(3)
....عديدة هى أوجه التشابه بين الحالتين التونسية والمصرية. فقد عاش كل من البلدين تحت نظام بوليسى اختلف فى الدرجة فقط، حيث كان أكثر شراسة فى تونس لكنه كان أشد مكرا فى مصر، والبلدان خضعا لنظام علمانى كان فجا ومتطرفا فى تونس، لكنه كان خجولا ومتواريا فى مصر. والبلدان حظرا العمل السياسى على التيار الإسلامى، لكنهما أباحا أنشطة الأحزاب الشيوعية. وكان ذلك صريحا ومعلنا فى تونس، لكنه أيضا كان ملتويا وخجولا فى مصر. كل من البلدين استخدم فزاعة الإسلاميين لتسويغ حظرهم وإقناع الدول الغربية بأنهم البديل الذى يهدد مصالحهم. ولكى ينفذ سياساته ويحشد الرأى العام وراءها، فإن كلا من البلدين استعان بعدد كبير من المثقفين العلمانيين والشيوعيين السابقين، ومكنهم من منابر الإعلام والثقافة حتى صاروا جزءا من النظام وأحد أهم ركائز استمراره.
من أوجه التشابه أن الثورة السلمية نجحت فى البلدين، وأن الجماهير هى التى حملتها وقادتها. الجيش فى مصر انحاز إلى الثورة وشكل مجلسا عسكريا لإدارة البلاد، لكنه وقف محايدا فى تونس، وتولى السلطة رئيس مجلس النواب طبقا للدستور. وفى كل من البلدين كان هناك حزب محتكر للسلطة يقوده الرئيس، وأحزاب هامشية حوله تستكمل «الديكور» الديمقراطى، وبعد الثورة حدثت اندفاعة قوية لتشكيل الأحزاب، التى بلغت 115 حزبا فى تونس، واندفاعة مماثلة فى مصر التى أعلن فيها عن تشكيل خمسين حزبا بعد ظهور 120 ائتلافا. ومن المفارقات فى هذا السياق أن السلفيين فى مصر خاضوا غمار المعركة الانتخابية وقرروا إنشاء حزبين يمثلانهما. فى حين أن أقرانهم فى تونس رفضوا المشاركة فى الانتخابات ووزعوا منشورات دعت إلى مقاطعتها قبل 48 ساعة من إجرائها. وللعلم فإن التيار الإسلامى المنخرط فى العمل السياسى ممثل وحيد هو حركة النهضة. أما فى مصر فللتيار الإسلامى سبعة أحزاب.
فى تونس سلكوا بعد الثورة ذات النهج الذى اتبعوه بعد إعلان الاستقلال عام 1956. فقرروا أولا انتخاب جمعية تأسيسية تمثل القوى الحية فى المجتمع، لتتولى تعيين الرئيس وتشكيل الحكومة وإصدار القوانين ووضع الدستور وذلك لكى تتولى سلطة مدنية إدارة البلد فى الفترة الانتقالية لحين إصدار الدستور الجديد. لكننا فى مصر ضيعنا وقتا طويلا فى الجدل أيهما أولا الانتخابات أم الدستور، رغم أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية أيد البدء بالانتخابات، وبسبب الضجة التى أحدثها ذلك الجدل تم تمديد الفترة الانتقالية وظل المجلس العسكرى قابضا على السلطة وليس معروفا على وجه التحديد متى تجرى الانتخابات الرئاسية، ومن ثم متى ستسلم السلطة إلى المدنيين؟.
(4)
تجنبوا أى شىء من شأنه أن يشعل حربا مدنية بين العلمانيين والإسلاميين. كانت تلك هى النصيحة الثمينة التى وجهها إلى الليبراليين والوطنيين العرب الدكتور المنصف المزروقى، المناضل المخضرم وزعيم حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، وهو الحزب الذى يمثل الاعتدال العلمانى، ويحتفظ بعلاقات إيجابية مع حزب النهضة، ويرشحه المعلقون السياسيون هو والدكتور مصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل من أجل العمل والحريات، لكى يشكل مع حزب النهضة جبهة قوية فى المجلس التأسيسى والحكومة وقد سمعته أكثر من مرة وهو يدعو إلى إبعاد الأيديولوجيا عن التنافس الانتخابى والإبقاء على ذلك التنافس فى حدود الصراع السياسى وليس العقائدى.
هناك رسائل أخرى مهمة ودروس مستفادة يستخلصها المرء من التجربة الانتخابية التونسية يمكننا اختزالها فى النصائح التالية:
● لا تفقدوا ثقتكم فى المواطنين العاديين. فهم أكثر ذكاء ووعيا مما تشى بهم مظاهرهم البسيطة ورغم الضجيج والطنين الذى يملأ الفضاء من حولهم، فإنهم قادرون على التمييز بين الأصيل والدخيل، وبين الحقيقة والزيف.
● المعتدلون فى كل فصيل علمانى أو إسلامى أو يسارى أقرب إلى بعضهم البعض من المتطرفين فى كل فصيل. وسفينة الوطن لن تواصل الإبحار إلا إذا تواصل المعتدلون فيما بينهم وشكلوا جبهة واحدة.
● الوطن ملك لكل أبنائه وليس بوسع أى فصيل أن يقوده وحده، فضلا عن أنه لا يحق له ذلك أصلا. وللوصول إلى بر الأمان، فلا بديل عن ائتلاف المختلفين الذين يمثلون قوى المجتمع الأساسية.
● لأنه لا خلاف حول الأهداف الوطنية المرحلية، المتمثلة فى الديمقراطية والاستقلال والعدالة الاجتماعية، فإن الاستغراق فى الكلام عن الهويات والأهداف النهائية يفجر الخلاف ويبدد الجهد ويبعثر القوى.
● لا تهملوا شبكات التواصل الاجتماعى، فقد أثبتت جدواها فى اصطفاف الجماهير واحتشادها خصوصا قطاعات الشباب الذى يعول عليهم فى المستقبل.
● الإسلاميون المنشغلون بالعمل السياسى مطالبون بأربعة أشياء هى 1ــ طمأنة الناس وإزالة مخاوفهم 2ــ الانشغال بخدمتهم وليس بوعظهم 3ــ الكف عن الحديث عن مصائر الخلق فى الاخرة وتوزيعهم على الجنة والنار 4ــ احترام الحياة الخاصة للناس التى ينبغى ألا تمس طالما أنها تمارس فى حدود القوانين المطبقة.
● جيد أن نتلقى الدروس. لكن الأجود أن نستوعبها ونتعلم منها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق